وقال السمرقندى :
﴿ قَالَ أَنظِرْنِى إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
يعني : أجلني إلى يوم البعث، اليوم الذي يخرج الناس من قبورهم.
قال ابن عباس : أراد الخبيث ألا يذوق الموت، فأبى الله تعالى أن يعطيه ذلك.
فـ ﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المنظرين ﴾ إلى النفخة الأولى، فحينئذٍ يذوق الموت وتصيبه المرارة بعدد الأولين والآخرين. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ قَالَ أَنظِرْنِي ﴾ أخرّني واجلني وأمهلني ولا تمتني ﴿ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ من قبورهم وهو النفخة الأخيرة عند قيام الساعة، أراد الخبيث أن لا يذوق الموت، ﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ ﴾ المؤخّرين.
ثمّ بيّن مدّة النظر والمهلة في موضع آخر، فقال ﴿ إلى يَوْمِ الوقت المعلوم ﴾ [ الحجر : ٣٨ ] وهي النفخة الأولى حين ثبوت الخلق كلّهم. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
فيه قولان :
أحدهما : أنه سأله الإنظار بالعقوبة إلى البعث وهو يوم القيامة.
والثاني : أنه سأله الإنظار بالحياة إلى يوم يبعثون وهو يوم القيامة لئلا يذوق الموت، فَأُجِيْبَ بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم وهي النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين وهو أربعون سنة، قاله الكلبي.
فإن قيل : فكيف قدر الله مدة أجله وفي ذلك إغواؤه بفعل المعاصي تعويلاً على التوبة في آخر الأجل؟
قيل : قد علم الله من حاله أنه لا يتوب من معصيته بما أوجبه من لعنته بقوله تعالى :﴿ وَإنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَومِ الدَّينِ ﴾ فجاز مع علمه بهذه أن يقدر له مدة أجله ولو كان كغيره ما قدرت له مدة أجله.
فإن قيل : كيف أقدم إبليس على هذا السؤال مع معصيته؟ قيل : كما ينبسط الجاهل في سؤال ما لا يستحقه.
فإن قيل : فكيف أجاب الله سؤاله مع معصيته؟ قيل : في إجابته دعاء أهل المعاصي قولان :