قال النحاس : وبيّن الله عز وجل فضل الملائكة على جميع الخلق في غير موضع من القرآن ؛ فمنها هذا، وهو ﴿ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ ﴾.
ومنه ﴿ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ﴾ [ هود : ٣١ ].
ومنه ﴿ وَلاَ الملائكة المقربون ﴾ [ النساء : ١٧٢ ].
وقال الحسن : فضل الله الملائكة بالصور والأجنحة والكرامة.
وقال غيره : فضلهم جل وعز بالطاعة وترك المعصية ؛ فلهذا يقع التفضيل في كل شيء.
وقال ابن فُورك.
لا حجة في هذه الآية ؛ لأنه يحتمل أن يريد مَلكيْن في ألاّ يكون لهما شهوة في طعام.
واختيار ابن عباس والزجاج وكثير من العلماء تفضيل المؤمنين على الملائكة ؛ وقد مضى في "البقرة".
وقال الكلبيّ : فضلوا على الخلائق كلهم، غير طائفة من الملائكة : جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ؛ لأنهم من جملة رُسُل الله.
وتمسّك كل فريق بظواهر من الشريعة، والفضل بيد الله.
وقرأ ابن عباس "مَلِكين" بكسر اللام، وهي قراءة يحيى بن أبي كثير والضحاك.
وأنكر أبو عمرو بن العلاء كسر اللام وقال : لم يكن قبل آدم ﷺ ملِك فيصيرا ملكين.
قال النحاس : ويجوز على هذه القراءة إسكان اللام، ولا يجوز على هذه القراءة الأولى لخفة الفتحة.
قال ابن عباس : أتاهما الملعون من جهة الملك ؛ ولهذا قال ﴿ هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد وَمُلْكٍ لاَّ يبلى ﴾ [ طه : ١٢٠ ].
وزعم أبو عبيد أن احتجاج يحيى بن أبي كثير بقوله :"ومُلْكٍ لاَ يبلى" حجة بينة، ولكن الناس على تركها فلهذا تركناها.
قال النحاس :﴿ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ ﴾ قراءة شاذّة.
وقد أنكر على أبي عبيد هذا الكلام، وجُعِل من الخطأ الفاحش.
وهل يجوز أن يتوهم آدم عليه السلام أنه يصل إلى أكثر من ملك الجنة ؛ وهي غاية الطالبين.
وإنما معنى ﴿ وَمُلْكٍ لاَّ يبلى ﴾ المقام في ملك الجنة، والخلود فيه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ فوسوس لهما الشيطان ﴾


الصفحة التالية
Icon