ف " بِالعَصَا " متعلِّقٌ بأْجلَدا وهو صلة أنْ، أو أن ذلك جائزٌ مطلقاً، ولو في المفعول به الصَّريح، وهو رأي الكوفيين وأنشدوا :[ الكامل ]
٢٤٣٣ -......
وَشِفَاءُ غَيِّكِ خَابِراً أنْ تَسْألِي
أي : أن تسألي خابراً، أو أنُّهُ متعلِّقٌ بمحذوف على البيانِ أي : أعني لَكُمَا كقولهم : سُقْياً لك، ورَعْياً، أو تعلَّقَ بمحذوف مدلول عليه بصِلَةِ أل أي : إنِّي نَاصِحٌ لَكُمَا، ومثل هذه الآية الكريمة :﴿ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القالين ﴾ [ الشعراء : ١٦٨ ]، ﴿ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين ﴾ [ يوسف : ٦٨ ].
وجعل ابن مالك ذلك مطَّرداً في مَسْألةِ أل الموصولة إذا كانت مجرورة بـ " من ".
ونَصَحَ يتعدَّى لواحدٍ تارَةً بنفسه، وتارةً بحرف الجرِّ، ومثله شَكَرَ، وقد تقدَّمَ، وكال، ووزن.
وهل الأصلُ التعدِّي بحرف الجر والتَّعدِّي بنفسه، أو كل منهما أصْلٌ؟ الرَّاجِحُ الثَّالِثُ.
وزعم بعضُهم أنَّ المفعول في هذه الأفْعَالِ محذوفٌ، وأنَّ المجرور باللاَّم هي الثَّاني، فإذا قُلْتَ : نَصَحْتُ لِزَيْدٍ فالتقديرُ : نصحتُ لزيدٍ الرَّأيَ، وكذلك شضكَر له صنيعه وكِلْتُ له طعامه وَوَزَنْتُ له متاعه فهذا مَذْهَبٌ رابع.
وقال الفرَّاءُ :" العربُ لا تَكَادُ تقول : نَصَحْتُكَ، إنَّمَا يَقُولُونَ نَصَحْتُ لك وأنْصَحُ لك "، وقد يجوز نصحتك.
قال النابغة :[ الطويل ]
٢٤٣٤ - نَصَحْتُ بَنِي عَوْفٍ فَلَمْ يَتَقَبَّلُوا...
رَسُولِي وَلَمْ تَنْجَحْ لَدَيْهِمْ رَسَائِلِي
وهذا يقوِّي أنَّ اللاَّم أصلٌ.
والنُّصْحُ : بَذْلُ الجُهْدِ في طلب الخَيْرِ خاصَّةً، وضدُّهُ الغشُّ.