أحدهما : أصل الرجل العطشان يدلي رجليه في البئر ليأخذ الماء فلا يجد فيها ماء، فوضعت التدلية موضع الطمع فيما لا فائدة فيه.
فيقال : دلاه إذا أطمعه.
الثاني :﴿فدلاهما بِغُرُورٍ﴾ أي أجرأهما إبليس على أكل الشجرة بغرور، والأصل فيه دللهما من الدل، والدالة وهي الجرأة.
إذا عرفت هذا فنقول : قال ابن عباس :﴿فدلاهما بِغُرُورٍ﴾ أي غرهما باليمين، وكان آدم يظن أن أحداً لا يحلف بالله كاذباً.
وعن ابن عمر رضي الله عنه : أنه كان إذا رأى من عبده طاعة وحسن صلاة أعتقه، فكان عبيده يفعلون ذلك طلباً للعتق.
فقيل له : إنهم يخدعونك، فقال : من خدعنا بالله انخدعنا له.
ثم قال تعالى :﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة بَدَتْ﴾ وذلك يدل على أنهما تناولا اليسير قصداً إلى معرفة طعمه، ولولا أنه تعالى ذكر في آية أخرى أنهما أكلا منها، لكان ما في هذه الآية لا يدل على الأكل، لأن الذائق قد يكون ذائقاً من دون أكل.
ثم قال تعالى :﴿بَدَتْ لَهُمَا﴾ أي ظهرت عوراتهما، وزال النور عنهما ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ﴾ قال الزجاج : معنى طفق : أخذ في الفعل ﴿يَخْصِفَانِ﴾ أي يجعلان ورقة على ورقة.
ومنه قيل للذي يرقع النعل خصاف، وفيه دليل على أن كشف العورة قبيح من لدن آدم، ألا ترى أنهما كيف بادرا إلى الستر لما تقرر في عقلهما من قبح كشف العورة ﴿وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا﴾ قال عطاء : بلغني أن الله ناداهما أفراراً مني يا آدم قال بل حياء منك يا رب ما ظننت أن أحداً يقسم باسمك كاذباً، ثم ناداه ربه أما خلقتك بيدي، أما نفخت فيك من روحي، أما أسجدت لك ملائكتي، أما أسكنتك في جنتي في جواري!
ثم قال :﴿وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشيطان لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ قال ابن عباس : بين العداوة حيث أبى السجود وقال :﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم﴾ [ الأعراف : ١٦ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ٤١ ـ ٤٢﴾