قال القاضي أبو محمد : وحجة هذا المذهب أنه وقع في أول ورقة من تاريخ ابن أبي خيثمة أن رسول الله ﷺ سئل عن آدم فقال نبي مكلم، وأيضاً فإن موسى خصص بين البشر الساكنين في الأرض وأما آدم إذ كان في الجنة فكان في غير رتبة سكان الأرض، فليس في تكليمه ما يفسد تخصيص موسى عليه السلام، ويؤيد أنه نداء وحي اشتراك حواء فيه، ولم يرو قط أن الله عز وجل كلم حواء، ويتأول قوله عليه السلام " نبي مكلَّم " أنه بمعنى موصل إليه كلام الله تعالى، وقوله عز وجل ﴿ الم أنهكما ﴾ سؤال تقرير يتضمن التوبيخ، وقوله ﴿ تلكما ﴾ يؤيد بحسب ظاهر اللفظ أنه إنما أشار إلى شخص شجرة، ﴿ وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ﴾ إشارة إلى الآية التي في سورة طه في قوله ﴿ فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ﴾ [ طه : ١١٧ ].
قال القاضي أبو محمد : وهذا هو العهد الذي نسيه آدم على مذهب من يجعل النسيان على بابه، وقرأ أبيّ بن كعب " ألم تنهيا عن تلكما الشجرة وقيل لكما ". أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
فدلاَّهما في المعصية بأن غرَّهما.
قال ابن عباس : غرَّهما باليمين، وكان آدم لا يظن أن أحداً يحلف بالله كاذباً.
قوله تعالى :﴿ فلما ذاقا الشجرة ﴾ أي : فلما ذاقا ثمر الشجرة.
قال الزجاج : وهذا يدل على أنهما إنما ذاقاها ذواقاً، ولم يبالغا في الأكل.
والسوأة : كناية عن الفرج، لا أصل له في تسميته.
ومعنى :﴿ طفقا ﴾ أخذا في الفعل ؛ والأكثر : طفِق يَطْفَقُ، وقد رويت : طفقَ يَطْفِقُ، بكسر الفاء ومعنى ﴿ يخصفان ﴾ يجعلان ورقة على ورقة، ومنه قيل للذي يرقع النعل : خصاف.
وفي الآية دليل على أن إظهار السوأة قبيح من لدن آدم ؛ ألا ترى إلى قوله :﴿ ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما ﴾ فإنهما بادرا يستتران لقبح التكشف.
وقيل : إنما سميت السوأةُ سوأةً لأن كشفها يسوء صاحبها.