وقال أبو حيان :
﴿ فدلاّهما بغرور ﴾ أي استنزلهما إلى الأكل من الشجرة بغروره أي بخداعه إياهما وإظهار النّصح وإبطان الغش وإطماعهما أن يكونا ملكين أو خالدين وبإقسامه أنه ناصح لهما جعل من يغترّ بالكلام حتى يصدق فيقع في مصيبة بالذي يدلي من علو إلى أسفل بحبل ضعيف فينقطع به فيهلك، وقال الأزهري : لهذه الكلمة أصلان أحدهما أنّ الرجل يدلي دلوه في البئر ليأخذ المائ فلا يجد فيها ماء، وضعت التدلية موضع الطمع فيما لا فائدة فيه فيقال : دلاّه أي أطمعه الثاني جرأهما على أكل الشجرة والأصل فيه دللهما من الدّال والدّلالة وهما الجراءة انتهى، فأبدل من المضاعف الأخير حرف علة، كما قالوا : تظنيت وأصله تظننت ومن كلام بعض العلماء : خدع الشيطان آدم فانخدع ونحن من خدعنا بالله عزّ وجل انخدعنا له وروى نحوه عن قتادة وعن ابن عمر.
﴿ فلما ذاقا الشجرة بدت لهما ﴾ أي وجدا طعمها آكلين منها كما قال تعالى ﴿ فأكلا منها ﴾ وتطايرت عنهما ملابس الجنة فظهرت لهما عوراتهما وتقدّم أنهما كانا قبل ذلك لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر، وقال ابن عباس وقتادة وابن جبير : كان عليهما ظفر كاسٍ فلما أكلا تبلس عنهما فبدت سوآتهما وبقي منه على الأصابع قدر ما يتذكران به المخالفة فيجددان النّدم، وقال وهب بن منبه : كان عليهما نور يستر عورة كلّ واحد منهما فانقشع بالأكل ذلك النور وقيل كان عليهما نور فنقص وتجسّد منه شيء في أظفار اليدين والرجلين تذكرة لهما ليستغفروا في كلّ وقت وأبناؤهما بعدهما كما جرى لأويس القرني حين أذهب الله عنه البرص إلا لمعة أبقاها ليتذكر نعمه فيشكر.
وقال قوم : لم يقصد بالسوأة العورة والمعنى انكشف لهما معايشهما وما يسوؤهما وهذا القول ينبو عنه دلالة اللفظ ويخالف قول الجمهور، وقيل : أكلت حواء أوّل فلم يصبها شيء ثم آدم فكان البدو.