وقال القاسمى :
﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِين ﴾ [ ١٥ ]
﴿ قَالَ ﴾ أي : الله له :﴿ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾ أي : من المؤجلين إلى نفخة الصور
الثانية.
قال ابن كثير : أجابه تعالى إلى ما سأل، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف ولا تمانع، ولا معقب لحكمه.
وقال الإمام أبو سعد المحسن بن كرامة الجشميّ اليماني في تفسيره " التهذيب " : ومتى قيل : ما وجه سؤاله مع أنه مطرود وملعون ؟ فجوابنا علمه بإحسانه تعالى إلى خلقه من أطاع ومن عصى، فلم يمنعه من السؤال ما ارتكب من المعصية، ومتى قيل : هل خاطبه بهذا ؟ قلنا : يحتمل ذاك، ويحتمل أنه أمر ملكاً فخاطبه به، ومتى قيل : هل يجوز إجابة دعاء الكافر ؟ فيه خلاف.
الأول : قيل لا، لأنه إكرام وتعظيم - عن أبي علي - ولذلك يقال : فلان مستجاب الدعوة، وإنظاره لا على سبيل إجابة دعائه، لأنه ملعون ولأنه لم يسأل على وجه الخضوع.
الثاني : يجوز إجابة دعائه استصلاحاُ له، لأنه تفضل - عن أبي بكر أحمد بن علي - وليس بالوجه.
ومتى قيل : إذا أنظر هل يكون إغراء بالمعصية ؟ قلنا : لا، لأنه لم يعلم ما الوقت المعلوم، فلا يكون إغراء مع تجويزه هجوم الموت عليه، ولأنه تعالى لما أعلمه أنه يدخله النار، ولعنه - علم أنه لا يختار الإيمان أبداً.
ومتى قيل : ما فائدة إنظاره ؟ قلنا : لطف له، لأنه يمكنه من استدراك أمره، وهل يضل به أحد ؟ قال أبو علي، لا، لقوله تعالى :﴿ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ ﴾ ﴿ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ﴾ ولأنه لو ضل به، لكان بقاؤه مفسدة ن فكان الله تعالى لا ينظره.
فأما أبو هاشم فيجوِّز أن يضل به أحد، ويكون بمنزلة زيادة الشهوة، ويجوز أن يكون لطفاً من وجوه :