وقال قتادة : أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنّه لا يعذّب ولا جنّة ولا نار، ومن خلفهم من أمر الدنيا فزيّنها لهم ودعاهم إليها، وعن أيمانهم من قبل حسناتهم بطأهم عنها، وعن شمائلهم يزين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، إياك يا بن آدم من كل وجه غير أنّه لم يأتك من فوقك لم يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة الله.
وقال الحكم والسدّي ﴿ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾ : يعني الدنيا أدعوهم إليها وأُرغبهم فيها وأُزينها لهم. ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ من قِبَل الآخرة أُشككهم و[ أثبطهم ] فيها. ﴿ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾ من قبل الحق أصدهم عنه [ أبتلكم ] فيه، وعن شمائلهم من قِبل الباطل أُخففه عليهم وأُزينه لهم وأُرغبهم فيه.
وقال مجاهد : من بين أيديهم وعن أيمانهم من حيث يبصرون ومن خلفهم وعن شمائلهم حيث لا يبصرون، قال ابن جريج : معنى قوله : من حيث يبصرون أي يخطئون حيث يعلمون أنّهم يخطئون وحيث لا يبصرون لا يعلمون أنهم يخطئون.
وقال الكلبي :﴿ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾ من قِبل آخرتهم أخبرهم أنّه لا جنّة ولا نار ولا نشور. ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ من قِبل دنياهم فأمرهم بجمع الأموال لا يعطون لها حقّاً [ وأُخوفهم الضيعة ] على ذرّيتهم.
﴿ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ ﴾ من قِبل دينهم [ فأُبيّن ] لكلّ قوم ما كانوا [ يعبدون ] وإن كانوا على هدى شبّهته عليهم حتّى أخرجتهم منه ﴿ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ﴾ من قِبل الشهوات واللذات فأُزيّنها لهم.
وقال شقيق بن إبراهيم : ما من صباح إلاّ وقعد لي الشيطان على أربعة مراصد من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، أما من بين يدي فأقول : لا تحزن فإنّ الله غفور رحيم، ويقول ذلك ﴿ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى ﴾ [ طه : ٨٢ ].