﴿ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً ﴾ أي ما تلبسون من الثياب.
فإن قيل : فليس ذلك بمنزل من السماء.
فعنه جوابان :
أحدهما : أنه لما كان ينبت من المطر الذي نزل من السماء صار كالمنزل من السماء، قاله الحسن.
والثاني : أن هذا من بركات الله، والبركة تنسب إلى أنها تنزل من السماء، كما قال تعالى :﴿ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ ﴾ [ الحديد : ٢٥ ].
ثم قال :﴿ يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ ﴾ أي يستر عوراتكم، وسميت العورة سوأة لأنه يسوء صاحبها انكشافها.
ثم قال :﴿ وَرِيشاً ﴾ وهذه قراءة أهل الأمصار وكان الحسن يقرأ :﴿ وَرِيَاشاً ﴾ وفيه أربعة تأويلات :
أحدهما : أنه المعاش، قاله معبد الجهني.
والثاني : أنه اللباس والعيش والنعيم، قاله ابن عباس.
والثالث : أنه الجمال والزينة، قاله ابن زيد، ومنه قوله رؤبة :
إليك أشكو شدة المعيش... وجهد أعوام نتفن ريشي
يريد أذهبن جمالي وزينتي.
والرابع : أنه المال : قاله ابن الزبير ومجاهد، قال الشاعر :
فريشي منكم وهواي معكم... وإن كانت زيارتكم لماما
وفي الريش والرياش وجهان :
أحدهما : أن معناهما واحد وإن اختلف لفظهما.
والوجه الثاني : أن معناهما مختلف، فالريش ما بطن، والرياش ما ظهر.
ثم قال :﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ وفي لباس التقوى سبعة تأويلات :
أحدها : أنه الإيمان، قاله قتادة والسدي.
الثاني : الحياة، قاله معبد الجهني.
والثالث : أنه العمل الصالح، قاله ابن عباس.
والرابع : أنه السمت الحسن، قاله عثمان بن عفان.
والخامس : خشية الله، قاله عروة بن الزبير.
السادس : ستر العورة للصلاة التي هي التقوى، قاله ابن زيد. والسابع : لبس ما يُتَّقَى به الحر والبرد، قاله ابن بحر.
وفي قوله :﴿ ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ وجهان :
أحدهما : أنه راجع إلى لباس التقوى ومعنى الكلام أن لباس التقوى خير من الرياش واللباس، قاله قتادة والسدي.


الصفحة التالية
Icon