قال القاضي أبو محمد : وتتصور الصفة التي حكاها أبو علي في قوله :﴿ ذلك ﴾ لأن الأسماء توصف بمعنى الإشارة كما تقول جاءني زيد هذا كأنك قلت جاءني زيد المشار إليه فعلى هذه الحد توصف الأسماء بالمبهمات، وأما قوله فيه عطف بيان وبدل فهما واحد في اللفظ إنما الفرق بينهما في المعنى والمقصد وذلك أنك تريد في البدل كأنك أزلت الأول وأعملت العامل في الثاني على نية تكرار العامل، وتريد في عطف البيان كأنك أبقيت الأول وأعملت العامل في الثاني وإنما يبين الفرق بين البدل وعطف البيان في مسألة النداء إذا قلت يا عبد الله زيد فالبدل في هذه المسألة هو على هذا الحد برفع زيد لأنك تقدر إزالة عبد الله وإضافة " يا " إلى زيد ولو عطفت عطف البيان لقلت يا عبد الله زيد لأنك اردت بيانه ولم تقدر إزالة الأول وينشد هذا البيت :[ الرجز ]
اني وأسطار سطرن سطرا... لقائل يا نصر نصراً نصراً
ويا نصر الأول على عطف البيان والثاني على البدل. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً ﴾
سبب نزولها : أن ناساً من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراةً، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد.
وقيل : إنه لما ذكر عري آدم، منّ علينا باللباس.
وفي معنى :﴿ أنزلنا عليكم ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : خلقنا لكم.
والثاني : ألهمناكم كيفية صنعه.
والثالث : أنزلنا المطر الذي هو سبب نبات ما يتخذ لباساً.
وأكثر القراء قرؤوا :"وريشاً".
وقرأ ابن عباس، والحسن وزرّ بن حبيش، وقتادة، والمفضل، وأبان عن عاصم :"ورياشاً" بألف.
قال الفراء : يجوز أن تكون الرياش جمع الريش، ويجوز أن تكون بمعنى الريش كما قالوا : لِبس، ولباس.
قال الشاعر :
فلما كَشَفْنَ اللِّبْس عنه مَسَحْنَهُ...
بأطراف طَفْل زانَ غَيْلاً مُوَشَّماً
قال ابن عباس، ومجاهد :"الرياش" : المال ؛ وقال عطاء : المال والنعيم.


الصفحة التالية
Icon