وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ آدَمَ كَانَ لَهُ زَوْجٌ ؛ أَيِ امْرَأَةٌ. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ مَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ أَنَّ اللهَ تَعَالَىأَلْقَى عَلَى آدَمَ سُبَاتًا انْتَزَعَ فِي أَثْنَائِهِ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَخَلَقَ لَهُ مِنْهُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ، وَأَنَّهَا سُمِّيَتِ امْرَأَةً " لِأَنَّهَا مِنِ امْرِئٍ أُخِذَتْ " وَمَا رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ " عَلَى حَدِّ (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) (٢١ : ٣٧) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :" فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ " أَيْ لَا تُحَاوِلُوا تَقْوِيمَ النِّسَاءِ بِالشِّدَّةِ، وَوَثَنِيُّوا الْهِنْدِ يَزْعُمُونَ أَنَّ لِآدَمَ أُمَّا وَلَهَا فِي مَدِينَتِهِمُ الْمُقَدِّسَةِ (بنارس) قَبْرٌ عَلَيْهِ قُبَّةٌ بِجَانِبِ قُبَّةِ قَبْرِهِ، وَقِيلَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِأُمِّهِ عِنْدَهُمُ الرَّمْزُ إِلَى الطَّبِيعَةِ. وَالْآيَةُ تُرْشِدُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَابِعَةٌ لِلرَّجُلِ فِي السُّكْنَى وَالْمَعِيشَةِ بِاقْتِضَاءِ الْفِطْرَةِ، وَهُوَ الْحَقُّ الْوَاقِعُ الَّذِي يُعَدُّ مَا خَالَفَهُ شُذُوذًا.
(فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا) أَيْ فَكُلَا مِنْ ثِمَارِهَا حَيْثُ شِئْتُمَا - وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :(وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا) (٢ : ٣٥) - وَمِنْ سُنَّةِ الْقُرْآنِ أَنْ يَتَضَمَّنَ التِّكْرَارُ لِلْقَصَصِ فَوَائِدَ فِي كُلٍّ مِنْهَا لَا تُوجَدُ فِي الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ فِي الْمَجْمُوعِ.