﴿ فَرِيقاً هدى ﴾ "فريقاً" نصب على الحال من المضمر في "تَعُودُونَ" أي تعودون فريقين : سعداء، وأشقياء.
يقوّي هذا قراءة أُبَيّ "تعودون فريقينِ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهِم الضلالة" ؛ عن الكسائي.
وقال ( محمد بن ) كعب القرظِيّ في قوله تعالى :﴿ فَرِيقاً هدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضلالة ﴾ قال : من ابتدأ الله خلقه للضلالة صيّره إلى الضلالة، وإن عمِل بأعمال أهل الهدى.
ومن ابتدأ الله خلقه على الهدى صيره إلى الهدى، وإن عمِل بأعمال الضلالة.
ابتدأ الله خلق إبليس على الضلالة، وعمِل بأعمال السعادة مع الملائكة، ثم ردّه الله إلى ما ابتدأ عليه خلقه.
قال :"وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ".
وفي هذا رد واضح على القدرية ومن تابعهم.
وقيل :"فَرِيقاً" نصب ب "هَدَى"، "وفَرِيقاً" الثاني نصب بإضمار فعل ؛ أي وأضل فريقاً.
وأنشد سيبويه :
أصبحتُ لا أحمل السِّلاحَ ولا...
أملِك رأسَ البعير إن نَفَراً
والذِّئْبُ أخشاه إن مررتُ به...
وَحْدِي وأخشَى الرياحَ والمطرا
قال الفرّاء : ولو كان مرفوعاً لجاز.
﴿ إِنَّهُمُ اتخذوا الشياطين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الله ﴾ وقرأ عيسى بن عمر :"أنهم" بفتح الهمزة، يعني لأنهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ فريقاً هدى ﴾ يعني هداهم إلى الإيمان به ومعرفته ووفقهم لطاعته وعبادته ﴿ وفريقاً حق عليهم الضلالة ﴾ يعني وخذل فريقاً حتى وجبت عليهم الضلالة للسابقة التي سبقت لهم في الأزل بأنهم أشقياء وفيه دليل على أن الهدى والضلالة من الله عز وجل، ولما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص روى الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ " إن الله خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " أخرجه الترمذي.