قال المفسرون : هذا الخطاب للذين كانوا يطوفون عراةً، والمعنى : لا يخدعنَّكم ولا يضلنَّكم بغروره، فيزِّين لكم كشف عوراتِكم، كما أخرج أبويكم من الجنة بغروره.
وأضيف الإخراج ونزع اللباس إليه، لأنه السبب.
وفي "لباسهما" أربعة أقوال.
أحدها : أنه النور، رواه أبو صالح عن ابن عباس ؛ وقد ذكرناه عن ابن منبه.
والثاني : أنه كان كالظُفُر ؛ فلما أكلا، لم يبق عليهما منه إلا الظُفر، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ؛ وبه قال عكرمة، وابن زيد.
والثالث : أنه التقوى، قاله مجاهد.
والرابع : أنه كان من ثياب الجنة، ذكره القاضي أبو يعلى.
قوله تعالى :﴿ ليريَهما سوءاتهما ﴾ أي : ليري كل واحد منهما سوأة صاحبه.
﴿ إنه يراكم هو وقبيله ﴾ قال مجاهد : قبيله : الجن والشياطين.
قال ابن عباس : جعلهم الله يَجرون من بني آدم مجرى الدم، وصدور بني آدم مساكن لهم، فهم يرون بني آدم، وبنو آدم لا يرونهم.
قوله تعالى :﴿ إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ﴾ قال الزجاج : سلَّطناهم عليهم، يزيدون في غيّهم.
وقال أبو سليمان : جعلناهم موالين لهم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
﴿يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ﴾
فيه مسألتان :
الأُولى قوله تعالى :﴿ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ﴾ أي لا يصرفنّكم الشيطان عن الدِّين ؛ كما فتن أبويكم بالإخراج من الجنة.
"أَبٌ" للمذكر، و"أبة" للمؤنث.
فعلى هذا قيل : أبوان.
﴿ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا ﴾ في موضع نصب على الحال.
ويكون مستأنفَا فيوقف على "مِنَ الْجَنَّةِ".
﴿ لِيُرِيَهُمَا ﴾ نصب بلام كيّ.
﴿ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ ﴾ الأصل "يرءاكم" ثم خفّفت الهمزة.
"وَقَبِيلُهُ" عطف على المضمر وهو توكيد ليحسن العطف ؛ كقوله :﴿ اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة ﴾.
وهذا يدل على أنه يقبح رأيتك وعمرو، وأن المضمر كالمظهر.