نقول إنه أمر لا يحتاج إلى رد ؛ لأنه أمر يرفضه العقل الفطري، ولذلك ترك الله الرد عليه ؛ لوضوح بطلانه عند العقل الفطري، وجاء بالرد على ادعائهم أن الله يأمر بالفحشاء، فالله لا يأمر بالفحشاء. ثم كيف كان أمر الله لكم؟. أهو أمر مباشر.. بمعنى أنه قد أمر كل واحد منكم أن يرتكب فاحشة؟ ألم تنتبهوا إلى قول الحق سبحانه :﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً... ﴾ [ الشورى : ٥١ ]
أم بلغكم الأمر بالفاحشة عن طريق نبي فكيف ذلك وأنتم تكذبون مجيء الرسول؟. وهكذا يكون قولكم مردوداً من جهتين : الجهة الأولى : إنه لا طريق إلى معرفة أمر الله إلا بأن يخاطبكم مباشرة أو يخاطبكم بواسطة رسل ؛ لأنكم لستم أهلاً للخطاب المباشر، والجهة الثانية : أنكم تنكرون مسألة الأنبياء والرسل. فأنتم لم يخاطبكم الله بالمباشرة أو بواسطة الرسل فلم يبق إلا أن يقال لكم :﴿... أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ الأعراف : ٢٨ ]
ولا جواب على السؤال إلا بأمرين : إما أن يقولوا :" لا " فقد كذبوا أنفسهم، وإما أن يقولوا :" نعم " ؛ فإذا قالوا : نعم نقول على الله ما لا نعلم ؛ فقد فضحوا أنفسهم وأقروا بأن الله لم يأمر بالفاحشة، بل أمر الله بالقسط، لذلك يقول سبحانه بعد ذلك :﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بالقسط... ﴾. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon