فائدة
قال الشيخ الشنقيطى :
قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾ هذه الآية الكريمة يتوهم خلاف ما دلت عليه من ظاهر آية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً﴾ الآية، الجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: وهو أظهرها أن معنى قوله: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ أي بطاعة الله وتصديق الرسل ففسقوا أي بتكذيب الرسل ومعصية الله تعالى فلا إشكال في الآية أصلا.
الوجه الثاني: أن الأمر في قوله: ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ أمر كوني قدري لا أمر شرعي، أي قدرنا عليهم الفسق بمشيئتنا، والأمر الكوني القدري كقوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾، ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، والأمر في قوله: ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾ أمر شرعي ديني فظهر أن الأمر المنفي غير الأمر المثبت.
الوجه الثالث: أن معنى ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾: أي كثرناهم حتى بطروا النعمة ففسقوا، ويدل لهذا المعنى الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد مرفوعا من حديث سويد بن هبيرة ـ رضي الله عنه ـ: "خير مال امرئ مهرة مأمورة أو سكة مأبورة" فقوله مأمورة أي كثيرة النسل وهي محل الشاهد. أ هـ ﴿دفع إيهام الاضطراب صـ ١٣٣﴾


الصفحة التالية
Icon