قلت : فيه إضمار وحذف تقديره قل أمر ربي بالقسط وقال ﴿ وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ﴾ فحذف فقال لدلالة الكلام عليه ومعنى الآية قول مجاهد والسدي : وجهوا وجوهكم حيثما كنتم في الصلاة إلى الكعبة، وقال الضحاك : معناه إذا حضرت الصلاة وأنتم عند المسجد فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم أصلي في مسجدي أو في مسجد قومي.
وقيل معناه اجعلوا سجودكم لله خالصاً ﴿ وادعوه مخلصين له الدين ﴾ أي واعبدوه مخلصين العبادة والطاعة والدعاء لله عز وجل لا لغيره ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن الله عز وجل بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً كما قال تعالى :﴿ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ﴾ ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمناً وكافراً وحجة هذا القول قوله في سياق الآية ﴿ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ﴾ فإنه كالتفسير له ويدل على صحة ذلك ما روي عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ﷺ " يُبعث كل عبد على ما مات عليه " أخرجه مسلم زاد البغوي في روايته : المؤمن على إيمانه والكافر على كفره.
وقال محمد بن كعب : من ابتدأ الله خلقه على الشقاوة صار إلى ما ابتدئ عليه خلقه وإن عمل بأعمال أهل السعادة كما أن إبليس كان يعمل بعمل أهل السعادة ثم صار إلى الشقاوة.


الصفحة التالية
Icon