وقال أبو حيان :
﴿ قل أمر ربي بِالقسط ﴾.
قال ابن عباس القسط هنا لا إله إلا الله لأن أسباب الخير كلها تنشأ عنها، وقال عطاء والسدّي : العدل وما يظهر في القول كونه حسناً صواباً، وقيل الصدق والحق.
﴿ وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين ﴾.
وأقيموا معطوف على ما ينحل إليه المصدر الذي هو القسط أي بأن أقسطوا وأقيموا وكما ينحل المصدر لأن والفعل الماضي نحو عجبت من قيام زيد وخرج أي من أن قام وخرج وأن والمضارع نحو :
للبس عباءة وتقرّ عيني...
أي لأن ألبس عباءة وتقر عيني كذلك ينحل لأن وفعل الأمر ألا ترى أنّ أن توصل بفعل الأمر نحو كتبت إليه بأن قم كما توصل بالماضي والمضارع بخلاف ما المصدرية فإنها لا توصل بفعل الأمر وبخلاف كي إذا لم تكن حرفاً وكانت مصدرية فإنها توصل بالمضارع فقط ولما أشكل هذا التخريج جعل الزمخشري ﴿ وأقيموا ﴾ على تقدير وقل فقال : أقيموا فيحتمل قوله وقل أقيموا أن يكون ﴿ أقيموا ﴾ معمولاً لهذا الفعل الملفوظ به، ويحتمل أن يكون قوله ﴿ وأقيموا ﴾ معطوفاً على ﴿ أمر ربي بالقسط ﴾ فيكون معمولاً لقل الملفوظ بها أولاً وقدّرها ليبيّن أنها معطوفة عليها وعلى ما خرّجناه نحن يكون في خبر معمول أمر، وقيل :﴿ وأقيموا ﴾ معطوف على أمر محذوف تقديره فأقبلوا وأقيموا، وقال ابن عباس والضحّاك واختاره ابن قتيبة : المعنى إذا حضرت الصلاة فصلوا في كل مسجد ولا يقل أحدكم أصلي في مسجدي، وقال مجاهد والسدّي وابن زيد : معناه توجّهوا حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة، وقال الرّبيع : اجعلوا سجودكم خالصاً لله دون غيره، وقيل : معناه اقصدوا المسجد في وقت كلّ صلاة أمراً بالجماعة ذكره الماوردي، وقيل : معناه إذا كان في جواركم مسجد فأقيموا الجماعة فيه ولا تتجاوزوا إلى غيره ذكره التبريزي، وقيل هو أمر بإحضار النيّة لله في كل صلاة والقصد نحوه كما تقول