الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْبَغْيُ : فَهُوَ تَجَاوُزُ الْحَدِّ.
وَوَجْهُ ذِكْرِهِمَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا فِي جُمْلَةِ الْفَوَاحِشِ لِلتَّأْكِيدِ لِأَمْرِهِمَا بِالِاسْمِ الْخَاصِّ بَعْدَ دُخُولِهِمَا فِي الِاسْمِ الْعَامِّ قَصْدَ الزَّجْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾ فَذَكَرَ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ بِالِاسْمِ الْخَاصِّ بَعْدَ دُخُولِهِمَا فِي الِاسْمِ الْعَامِّ عَلَى مَعْنَى الْحَثِّ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : لَمَّا قَالَ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :﴿ يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ قَالَ قَوْمٌ : إنَّ الْإِثْمَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ، وَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ :﴿ قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ ﴾ الْخَمْرَ، حَتَّى قَالَ الشَّاعِرُ : شَرِبْت الْإِثْمَ حَتَّى زَالَ عَقْلِي كَذَاك الْإِثْمُ يَذْهَبُ بِالْعُقُولِ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : شَرِبْت الذَّنْبَ، أَوْ شَرِبْت الْوِزْرَ، لَكَانَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يُوجِبْ قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الْوِزْرُ وَالذَّنْبُ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَاَلَّذِي أَوْجَبَ التَّكَلُّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَهْلِ بِاللُّغَةِ وَبِطَرِيقِ الْأَدِلَّةِ فِي الْمَعَانِي. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. أ هـ ﴿أحكام القرآن لابن العربى حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon