قال القاضي أبو محمد : من حيث لا نبي بعده، فكأن المخاطبين هم المراد ببني آدم لا غير، إذ غيرهم لم ينله الخطاب، ذكره النقاش. و﴿ يقصون ﴾ معناه يسردون ويوردون. و" الآيات " لفظ جامع لآيات الكتب المنزلة وللعلامات التي تقترن بالأنبياء، وقوله :﴿ فمن اتقى وأصلح ﴾ يصح أن تكون " من " شرطية وجوابه ﴿ فلا خوف عليهم ﴾ وهذه الجملة هي في جواب الشرط الأول الذي هو ﴿ إما يأتينكم ﴾ ويصح أن تكون " من " في قوله ﴿ فمن اتقى ﴾ موصولة، وكأنه قصد بالكلام تقسيم الناس فجعل القسم الأول ﴿ فمن اتقى ﴾ والقسم الثاني ﴿ والذين كذبوا بآياتنا ﴾. وجاء هذا التقسيم بجملته جواباً للشرط في قوله ﴿ إما يأتينكم ﴾ فكأنه قال إن أتتكم رسل فالمتقون لا خوف عليهم، والمكذبون أصحاب النار، أي هذا هو الثمرة وفائدة الرسالة :﴿ فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ﴾ [ الأنعام : ١٤٤، الأعراف : ٣٧، يونس : ١٧، الكهف : ١٥ ] أي ليس ثم نفع للمفتري ولا غرض دنياوي. فالآية تبرية للنبي ﷺ، من الافتراء وتوبيخ للمفترين من الكفار. و﴿ لا ﴾ في قوله ﴿ لا خوف ﴾ بمعنى ليس، وقرأ ابن محيصن " لا خوف " دون تنوين، ووجهه إما أن يحذف التنوين لكثرة الاستعمال وإما حملاً على حذفه مع " لا " وهي تبرية ناصبة تشبه حالة الرفع في البناء بحالة النصب، وقيل : إن المراد فلا الخوف، ثم حذفت الألف واللام وبقيت الفاء على حالها لتدل على المحذوف، ونفي الخوف والحزن يعم جميع أنواع مكاره النفس وأنكادها، ويشبه أن يكون الخوف لما يستقبل من الأمور والحزن لما مضى منها. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾