فصل


قال الفخر :
اعلم أن الله تعالى لما أمر بالقسط في الآية الأولى، وكان من جملة القسط أمر اللباس وأمر المأكول والمشروب، لا جرم أتبعه بذكرهما، وأيضاً لما أمر بإقامة الصلاة في قوله :﴿وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ﴾ [ الأعراف : ٢٩ ] وكان ستر العورة شرطاً لصحة الصلاة لا جرم أتبعه بذكر اللباس، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قال ابن عباس : إن أهل الجاهلية من قبائل العرب كانوا يطوفون بالبيت عُراة الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكانوا إذا وصلوا إلى مسجد منى، طرحوا ثيابهم وأتوا المسجد عُراة.
وقالوا : لا نطوف في ثياب أصبنا فيها الذنوب، ومنهم من يقول : نفعل ذلك تفاؤلاً حتى نتعرى عن الذنوب كما تعرينا عن الثياب، وكانت المرأة منهم تتخذ ستراً تعلقه على حقويها، لتستتر به عن الحمس، وهم قريش، فإنهم كانوا لا يفعلون ذلك، وكانوا يصلون في ثيابهم، ولا يأكلون من الطعام إلا قوتاً، ولا يأكلون دسماً، فقال المسلمون : يا رسول الله فنحن أحق أن نفعل ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية، أي :"البسوا ثيابكم وكلوا اللحم والدسم واشربوا ولا تسرفوا".
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon