يَتُبْ.
وَهَا نَحْنُ أُولَاءِ قَدْ كُنَّا بِهِدَايَةِ دِينِنَا أُمَّةً عَزِيزَةً قَوِيَّةً مُتَّحِدَةً، فَمَزَّقَتْنَا الْأَهْوَاءُ فَضَعُفْنَا ثُمَّ سَاعَدَ الزَّمَانُ بَعْضَ شُعُوبِنَا فَاعْتَزَّتْ وَعَلَتْ ثُمَّ انْخَفَضَتْ وَضَعُفَتْ، وَقَدْ قَامَ مِنَّا مَنْ يُنْذِرُنَا وَيُذَكِّرُنَا بِآيَاتِ رَبِّنَا وَيَدْعُونَا بِهَا إِلَى مَا يُحْيِينَا فَأَعْرَضَ أُمَرَاؤُنَا وَعُلَمَاؤُنَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ دَهْمَاؤُنَا (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ) (٥٤ : ٤، ٥) (وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) (١٠ : ١٠١).
هَذَا - وَقَدْ بَحَثَ الْمُفَسِّرُونَ هُنَا فِي آجَالِ الْأَفْرَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَلَا
شَكَّ فِي أَنَّ لِكُلِّ فَرْدٍ أَجَلًا فِي عِلْمِ اللهِ وَفِي تَقْدِيرِهِ (ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) (٦ : ٢) فَأَمَّا الَّذِي فِي عِلْمِهِ تَعَالَى فَلَا يَتَغَيَّرُ، وَلَا يَقْتَضِي هَذَا نَفْيَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ، وَلَا كَوْنَ النَّاسِ مَجْبُورِينَ لَا اخْتِيَارَ لَهُمْ فِي أُمُورِ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ حَقٌّ ثَابِتٌ بِالْحِسِّ وَالضَّرُورَةِ وَبِالْوَحْيِ جَمِيعًا وَالْحَقُّ الْوَاقِعُ مِثَالٌ وَمِصْدَاقٌ لِمَا فِي الْعِلْمِ وَلَيْسَ الْعِلْمُ فَاعِلًا فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَاشِفٌ لَهُ.


الصفحة التالية
Icon