بِالدُّنْيَا أَمْ بِالْآخِرَةِ أَمْ عَامٌّ فِيهِمَا ؟ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِمُوَافَقَتِهِ لِمِثْلِ قَوْلِهِ :(كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ) (١٧ : ٢٠) وَقَوْلِهِ :(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ) (٣١ : ٢٤) وَبِمُوَافَقَتِهِ لِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ حَتَّى مِنَ الْغَايَةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
(حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) أَيْ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمُ الَّذِي كُتِبَ لَهُمْ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ حَتَّى إِذَا مَا انْتَهَى بِانْتِهَاءِ آجَالِهِمْ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ يَتَوَفَّوْنَهُمْ - وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِالتَّوَفِّي أَيْ قَبْضِ الْأَرْوَاحِ مِنَ الْأَجْسَادِ - (قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أَيْ يَسْأَلُهُمْ رُسُلُ الْمَوْتِ حَالَ كَوْنِهِمْ يَتَوَفَّوْنَهُمْ : أَيْنَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَدْعُونَهُمْ غَيْرَ اللهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَدَفْعِ الْمُضِرَّاتِ ؟ ادْعُوهُمْ لِيُنْجُوكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ الْآنَ (قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ) أَيْ قَالُوا : غَابُوا عَنَّا فَلَا نَرْجُو مِنْهُمْ مَنْفَعَةً. وَاعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ بِدُعَائِهِمْ إِيَّاهُمْ وَزَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ عِنْدَهُ تَعَالَى كَأَعْوَانِ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ وَوُزَرَائِهِمْ وَحُجَّابِهِمْ، جَاهِلِينَ أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْ ذَلِكَ بِإِحَاطَةِ عِلْمِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَأَنَّ الْمُلُوكَ وَالْأُمَرَاءَ


الصفحة التالية
Icon