والثاني : أن الجمل أكبر شأناً عند العرب من سائر الدواب، فانهم يقدِّمونه في القوِّة على غيره، لأنه يوقَر بحمله فينهض به دون غيره من الدواب، ولهذا عجَّبهم من خلق الإبل، فقال :﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ﴾ [ الغاشية : ١٧ ] فآثر الله ذكره على غيره لهذا المعنى.
ذكر الجوابين ابن الانباري.
قال : وقد روى شهر بن حوشب عن ابن عباس أنه قرأ :"حتى يلج الجُمَّلُ" بضم الجيم وتشديد الميم، وقال : هو القَلْس الغليظ.
قال المصنف : وهي قراءة أبي رزين، ومجاهد، وابن محيصن، وأبي مجلز، وابن يعمر، وأبان عن عاصم.
قال : وروى مجاهد عن ابن عباس :"حتى يلج الجُمَلُ" بضم الجيم وفتح الميم وتخفيفها.
قلت : وهي قراءة قتادة، وقد رويت عن سعيد بن جبير، وأنه قرأ :"حتى يلج الجُمْل" بضم الجيم وتسكين الميم.
قلت : وهي قراءة عكرمة.
قال ابن الأنباري : فالجُمَل يحتمل أمرين : يجوز أن يكون بمعنى الجُمَّلُ، ويجوز أن يكون بمعنى جملة من الجِمال، قيل في جمعها : جُمَلٌ، كما قال : حُجْرة، وحُجَر، وظُلْمة وظُلَم.
وكذلك من قرأ :"الجُمْلَ" يسوغ له أن يقول : الجُمْلُ، بمعنى الجُمَّل، وأن يقول : الجُمْل جمع جُمْلة، مثل : بُسْرة وبُسْر.
وأصحاب هذه القراءات يقولون : الحبل والحبال، أشبه بالإبرة والخيوط من الجمال، وروى عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قرأ :"الجُمْل" بضم الجيم والميم، وبالتخفيف، وهي قراءة الضحاك، والجحدري.
وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء :"الجَمْل" بفتح الجيم، وبسكون الميم خفيفة.
قوله تعالى :﴿ في سَمِّ الخياط ﴾ السم : في اللغة : الثَّقب.
وفيها ثلاث لغات.
فتح السين، وبها قرأ الأكثرون، وضمها، وبه قرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وقتادة، وابن محيصن، وطلحة بن مصرف، وكسرها، وبه قرأ أبو عمران الجوني، وأبو نهيك، والأصمعي عن نافع.


الصفحة التالية
Icon