وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿ إن الذين كذبوا بآياتنا ﴾
يعني كذبوا بدلائل التوحيد فلم يصدقوا بها ولم يتبعوا رسلنا ﴿ واستكبروا عنها ﴾ أي وتكبروا عن الإيمان بها والتصديق لها وأنفوا عن اتباعها والانقياد لها والعمل بمقتضاها تكبراً ﴿ لا تفتح لهم أبواب السماء ﴾ يعني لا تفتح لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم ولا يصعد لهم إلى الله عز وجل في وقت حياتهم قول ولا عمل لأن أرواحهم وأقوالهم وأعمالهم كلها خبيثة وإنما يصعد إلى الله تعالى الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تفتح أبواب السماء لأرواح الكفار وتفتح لأرواح المؤمنين.
وفي رواية عن ابن عباس أيضاً قال : لا يصعد لهم قول ولا عمل، وقال ابن جريج : لا تفتح أبواب السماء لأعمالهم ولا لأرواحهم.
وروى الطبري بسنده عن البراء بن عازب : أن رسول الله ﷺ ذكر قبض روح الفاجر وأنه يصعد بها إلى السماء قال فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة قال فيقولون فلان بأقبح أسمائه التي كان يدعى به في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء فيستفتحون له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله ﷺ " لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " وقيل في معنى الآية : لا تنزل عليهم البركة والخير لأن ذلك لا ينزل إلا من السماء فإذا لم تفتح لهم أبواب السماء فلا ينزل عليهم من البركة والخير والرحمة شيء.
وقوله تعالى :﴿ ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ﴾ والولوج الدخول والجمل معروف وهو الذكر من الإبل وسم الخياط ثقب الإبرة قال الفراء : الخياط والمخيط ما يخاط به والمراد به الإبرة في هذه الآية وإنما خص الجمل بالذكر من بين سائر الحيوانات لأنه أكبر من سائر الحيوانات جسماً عند العرب قال الشاعر :
جسم الجِمال وأحلام العصافير...