و﴿ مّنْ غِلّ ﴾ على سائر الاحتمالات حال من ( ما ).
وقوله سبحانه :﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار ﴾ حال أيضاً إما من الضمير في ﴿ صُدُورُهُمْ ﴾ لأن المضاف جزء من المضاف إليه والعامل معنى الإضافة أو العامل في المضاف، وإما من ضمير ﴿ نزعنا ﴾ على ما قيل والعامل الفعل.
واختار بعضهم أن الجملة مستأنفة للإخبار عن صفة أحوالهم.
والمراد تجري من تحت غرفها مياه الأنهار زيادة في لذتهم وسرورهم.
﴿ الأنهار وَقَالُواْ الحمد لِلَّهِ الذى هَدَانَا لهذا ﴾ الفوز العظيم والنعيم المقيم.
والمراد الهداية لما أدى إليه من الأعمال القلبية والقالبية مجازاً وذلك بالتوفيق لها وصرف الموانع عن الاتصاف بها.
وقيل : المراد من الهداية لما هم فيه من النعيم مجاوزة الصراط إلى أن وصلوا إليه.
ومن الناس من جعل الإشارة إلى نزع الغل من الصدور ولا أراه شيئاً ﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ ﴾ أي لهذا أو لمطلب من المطالب التي هذا من جملتها ﴿ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله ﴾ وفقنا له، واللام لتأكيد النفي وهي المسماة بلام الجحود وجواب ( لولا ) محذوف لدلالة ما قبله عليه، وليس إياه لامتناع تقدم الجواب على الصحيح ومفعول ﴿ نهتدي ﴾.
﴿ وهدانا ﴾ الثاني محذوف لظهور المراد أو لإرادة التعميم كما أشير إليه، والجملة حالية أو استئنافية، وفي مصاحف أهل الشام ﴿ نَعْقِلُ مَا كُنَّا ﴾ بدون واو وهي قراءة ابن عامر فالجملة كالتفسير للأولى، وهذا القول من أهل الجنة لإظهار السرور بما نالوا والتلذذ بالتكلم به لا للتقرب والتعبد فإن الدار ليست لذلك ؛ وهذا كما ترى من رزق خيراً في الدنيا يتكلم بنحو هذا ولا يتمالك أن لا يقوله للفرح لا للقربة.
وقوله سبحانه :﴿ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بالحق ﴾ جملة قسمية لم يقصد بها التقرب أيضاً وهي بيان لصدق وعد الرسل عليهم السلام إياهم بالجنة على ما نص عليه بعض الفضلاء، وقيل : تعليل لهدايتهم.


الصفحة التالية
Icon