ولما جرت عادة الرفاق بأنهم يتكالمون وحين الاجتماع يتسالمون تشوف السامع إلى حالهم في ذلك فقال مجيباً له :﴿كلما دخلت أمة﴾ أي منهم في النار ﴿لعنت أختها﴾ أي القريبة منها في الدين والملة التي قضيت آثارها واتبعت منارها، يلعن اليهود اليهود والنصارى النصارى - وهكذا، واستمر ذلك منهم ﴿حتى إذا اداركوا﴾ اي تداركوا وتلاحقوا، يركب بعضهم بعضاً - بما يشير إليه الإدغام ﴿فيها جميعاً﴾ لم يبق منهم أمة ولا واحد من أمة ﴿قالت أخراهم﴾ أي في الزمن والمنزلة، وهم الأتباع والسفل ﴿لأولاهم﴾ أي لأجلهم مخاطبين لله خطاب المخلصين ﴿ربنا﴾ أي الذي ما قطع إحسانه في الدنيا عنا على ما كان منا من مقابلة إحسانه بالإساءة ﴿هؤلاء﴾ أي الأولون ﴿أضلونا﴾ أي لكونهم أول من سن الضلال ﴿فآتهم﴾ أي أذقهم بسبب ذلك ﴿عذاباً ضعفاً﴾ أي يكون بقدر عذاب غيرهم مرتين لأنهم ضلوا وأضلوا لأنهم سنوا الضلال، " ومن سنَّ سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " ومنه " لا تقتل نفس ظلماً إلا على ابن آدم الأول كفل من دمها " لأنه أول من سن القتل، ثم أكدوا شدة العذاب بقولهم :﴿من النار ﴾.
ولما كان كأنه قيل : لقد قالوا ما له وجه، فبم أجيبوا؟ قيل :﴿قال﴾ أي جواباً لهم ﴿لكل﴾ أي من السابق واللاحق والمتبوع والتابع ﴿ضعف﴾ وإن لم يكن الضعفاء متساويين لأن المتبوع وإن كان سبباً لضلال التابع فالتابع أيضاً كان سبباً لتمادي المتبوع في ضلاله وشدة شكيمته فيه بتقويته بالاتباع وتأييده بالمناضله عنه والدفاع ؛ ولما كانوا جاهلين باستحقاقهم الضعف لسبب هذه الدقيقة قال :﴿ولكن لا تعلمون﴾ أي بذلك. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣١ ـ ٣٢﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن هذه الآية من بقية شرح أحوال الكفار وهو أنه تعالى يدخلهم النار.
أما قوله تعالى :﴿قَالَ ادخلوا﴾ ففيه قولان :
الأول : إن الله تعالى يقول ذلك.