وقال ابن عطية :
﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ ﴾
هذه حكاية ما يقول الله لهم يوم القيامة بوساطة ملائكة العذاب وعبر عن يقول. ب ﴿ قال ﴾ لتحقق وقوع ذلك وصدق القصة، وهذا كثير، وقوله :﴿ في أمم ﴾ متعلق ب ﴿ ادخلوا ﴾، ويحتمل أن يتعلق بمحذوف تقديره كائنين أو ثابتين في أمم، فيكون في موضع الحال من الضمير في ﴿ ادخلوا ﴾ وقيل ﴿ في ﴾ بمعنى مع، وقيل هي على بابها وهو أصوب، وقوله ﴿ قد خلت ﴾ صفة ل ﴿ أمم ﴾ وقوله :﴿ في النار ﴾ يصح تعلقه ب ﴿ ادخلوا ﴾ يصح أن يتعلق ب ﴿ أمم ﴾ أي في أمم ثابتة أو مستقرة، ويصح تعلقه بالذكر الذي في ﴿ خلت ﴾ ومعنى ﴿ قد خلت ﴾ على هذا التعلق أي قد تقدمت ومضى عليها الزمن وعرفها فيما تطاول من الآباد، وقد تستعمل وإن لم يطل الوقت إذ أصلها فيمن مات من الناس أي صاروا إلى خلاء من الأرض، وعلى التعليقين الأولين لقوله ﴿ في النار ﴾ فإنما ﴿ خلت ﴾ حكاية عن حال الدنيا أي ادخلوا في النار في جملة الأمم السالفة لكم في الدنيا الكافرة، وقد ذكر الجن لأنهم أعرق في الكفر، وإبليس أصل الضلال والإغواء، وهذه الآية نص في أن كفرة الجن في النار، والذي يقتضيه النظر أن مؤمنيهم في الجنة لأنهم عقلاء مكلفون مبعوث إليهم آمنوا وصدقوا، وقد بوب البخاري رحمه الله - باب في ذكر الجن وثوابهم وعقابهم - وذكر عبد الجليل أن مؤمني الجن يكونون تراباً كالبهائم، وذكر في ذلك حديث مجهولاً وما أراه يصح، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon