قوله :﴿بَيْنَهُمْ﴾ يحتمل أن يكون ظرفاً لقوله :( أذّن ) والتقدير : أن المؤذن أوقع ذلك الأذان بينهم، وفي وسطهم، ويحتمل أن يكون صفة لقوله :﴿مُؤَذّنٌ﴾ والتقدير : أن مؤذناً من بينهم أذن بذلك الأذان، والأول أولى والله أعلم.
أما قوله تعالى :﴿أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم ﴿أَن﴾ مخففة ﴿لَّعْنَةُ﴾ بالرفع والباقون مشددة ﴿لَّعْنَةُ﴾ بالنصب.
قال الواحدي رحمه الله : من شدد فهو الأصل، ومن خفف ﴿أَن﴾ فهي مخففة من الشديدة على إرادة إضمار القصة والحديث تقديره أنه لعنه الله، ومثله قوله تعالى :﴿وآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الحمد للهِ رَبِ العالمينَ﴾ [ يونس : ١٠ ] التقدير : أنه، ولا تخفف أن إلا ويكون معها إضمار الحديث والشأن.
ويجوز أيضاً أن تكون المخففة هي التي للتفسير كأنها تفسير لما أذنوا به كما ذكرناه في قوله :﴿أَن قَدْ وَجَدْنَا﴾ وروى صاحب "الكشاف" أن الأعمش قرأ ﴿أَن لَّعْنَةُ الله﴾ بكسر ﴿إِن﴾ على إرادة القول، أو على إجراء ﴿أذَّنَ﴾ مجرى "قال".
المسألة الثانية :
اعلم أن هذه الآية تدل على أن ذلك المؤذن، أوقع لعنة الله على من كان موصوفاً بصفات أربعة.
الصفة الأولى : كونهم ظالمين.
لأنه قال :﴿أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين﴾ قال أصحابنا المراد منه المشركون، وذلك لأن المناظرة المتقدمة إنما وقعت بين أهل الجنة وبين الكفار، بدليل أن قول أهل الجنة هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ لا يليق ذكره إلا مع الكفار.
وإذا ثبت هذا فقول المؤذن بعده ﴿أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين﴾ يجب أن يكون منصرفاً إليهم، فثبت أن المراد بالظالمين ههنا، المشركون، وأيضاً أنه وصف هؤلاء الظالمين بصفات ثلاثة.
هي مختصة بالكفار وذلك يقوي ما ذكرناه، وقال القاضي المراد منه، كل من كان ظالماً سواء كان كافراً أو كان فاسقاً تمسكاً بعموم اللفظ. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ٦٩ ـ ٧١﴾


الصفحة التالية
Icon