وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ﴾
فيه قولان.
أحدهما : أن أهل النار أقسموا أن أهل الأعراف داخلون النار معنا، وأن الله لن يدخلهم الجنة، فيقول الله لأهل النار :﴿ أهؤلاء ﴾ يعني : أهل الأعراف ﴿ الذين اقسمتم لا ينالهم الله برحمة، ادخلوا الجنة ﴾ رواه وهب بن منبه عن ابن عباس.
قال حذيفة : بينا أصحاب الأعراف هنالك، اطَّلع عليهم ربهم فقال لهم :"ادخلوا الجنة فاني قد غفرت لكم".
والثاني : أن أهل الأعراف يرون في الجنة الفقراء والمساكين الذين كان الكفار يستهزؤون بهم، كسلمان، وصهيب، وخبَّاب، فينادون الكفار :﴿ أهؤلاء الذين أقسمتم ﴾ وأنتم في الدنيا ﴿ لا ينالهم الله برحمة ﴾ قاله ابن السائب.
فعلى هذا، ينقطع كلام أهل الأعراف عند قوله :﴿ برحمة ﴾، ويكون الباقي من خطاب الله لأهل الجنة.
وقد ذكر المفسرون في قوله :﴿ ادخلوا الجنة ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : أن يكون خطاباً من الله لأهل الأعراف، وقد ذكرناه.
والثاني : أن يكون خطاباً من الله لأهل الجنة.
والثالث : أن يكون خطاباً من أهل الأعراف لأهل الجنة، ذكرهما الزجاج.
فعلى هذا الوجه الأخير، يكون معنى قول أهل الأعراف لأهل الجنة ﴿ ادخلوا الجنة ﴾ : اعلوا إلى القصور المشرفة، وارتفعوا إلى المنازل المنيفة، لأنهم قد رأوهم في الجنة.
وروى مجاهد عن عبد الله بن الحارث قال : يؤتى بأصحاب الأعراف إلى نهر يقال له : الحياة، عليه قضبان الذهب مكلَّلة باللؤلؤ، فيُغمسون فيه، فيخرجون، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، ويقال لهم : تمنَّوا ما شئتم، ولكم سبعون ضعفاً، فهم مساكين أهل الجنة. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon