ثم يستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة، ثم يذكرون الشراب ويستغيثون فيدفع إليهم الحميم والصديد بكلاليب الحديد فيقطع ما في بطونهم، ويستغيثون إلى أهل الجنة كما في هذه الآية فيقول أهل الجنة :﴿إن الله حرمهما على الكافرين﴾، ويقولون لمالك :﴿لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [ الزخرف : ٧٧ ] فيجيبهم على ما قيل بعد ألف عام، ويقولون :﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا﴾ [ المؤمنون : ١٠٧ ] فيجيبهم ﴿اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ﴾ [ المؤمنون : ١٠٨ ] فعند ذلك ييأسون من كل خير، ويأخذون في الزفير والشهيق.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه ذكر في صفة أهل الجنة أنهم يرون الله عز وجل كل جمعة، ولمنزل كل واحد منهم ألف باب، فإذا رأوا الله تعالى، دخل من كل باب ملك معه الهدايا الشريفة وقال : إن نخل الجنة خشبها الزمرد، وترابها الذهب الأحمر، وسعفها حلل وكسوة لأهل الجنة، وثمرها أمثال القلال أو الدلاء، أشد بياضاً من الفضة وألين من الزبد وأحلى من العسل، لا عجم له، فهذا صفة أهل الجنة، وصفة أهل النار، ورأيت في بعض الكتب : أن قارئاً قرأ قوله تعالى حكاية عن الكفار :﴿أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الماء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله﴾ في تذكرة الأستاذ أبي علي الدقاق، فقال الأستاذ : هؤلاء كانت رغبتهم وشهوتهم في الدنيا في الشرب والأكل، وفي الآخرة بقوا على هذه الحالة، وذلك يدل على أن الرجل يموت على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه، ثم بين تعالى أن هؤلاء الكفار لما طلبوا الماء والطعام من أهل الجنة قال أهل الجنة ﴿إِنَّ الله حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين﴾ ولا شك أن ذلك يفيد الخيبة التامة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ٧٦ ـ ٧٧﴾