وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة ﴾ الآية،
لفظة النداء تتضمن أن أهل النار وقع لهم علم بأن أهل الجنة يسمعون نداءهم، وجائز أن يكون ذلك وهم يرونهم بإدراك يجعله الله لهم على بعد السفل من العلو، وجائز أن يكون ذلك وبينهم السور والحجاب المتقدم الذكر، وروي أن ذلك النداء هو عند إطلاع أهل الجنة عليهم، و﴿ أن ﴾ في قوله :﴿ أن أفيضوا ﴾ مفسرة بمعنى أي، وفاض الماء إذا سال وإنماع وأفاضه غيره، وقوله :﴿ أو مما رزقكم الله ﴾ إشارة إلى الطعام قاله السدي، فيقول لهم أهل الجنة إن الله حرم طعام الجنة وشرابها على الكافرين.
قال القاضي أبو محمد : والأشنع على الكافرين في هذه المقالة أن يكون بعضهم يرى بعضاً فإنه أخزة وأنكى للنفس، وإجابة أهل الجنة بهذا الحكم هو عن أمر الله تعالى، وذكر الزهراوي : أنه روي عن النبي ﷺ أنه قال :" أفضل الصدقة بالماء "، يعني عند الحاجة إليه إذ هو ألذ مشروب وأنعشها للنفس، واستسقى الشعبي عند مصعب فقال له أي الأشربة تحب؟ فقال أهونها موجوداً وأعزها مفقوداً، فقال له مصعب : يا غلام هات الماء. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon