وقال القاسمى :
﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً ﴾ أي : مما زينه لهم الشيطان. واللهو : كل ما
صد عن الحق، واللعب : كل أمر باطل، أي : ليس دينهم في الحقيقة إلا ذلك، إذ هو دأبهم وديدنهم :﴿ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ بزخارفها العاجلة، فلم يعملوا :﴿ فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ ﴾ أي : نتركهم ترك المنسي، فلا نرحمهم بما نرحم به من عمل للآخرة.
﴿ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا ﴾ أي : كما فعلو بلقائه، فعل الناسين، فلم يُخطروه ببالهم، ولم يهتموا به.
لطيفة :
قال الشهاب :﴿ نَنْسَاهُمْ ﴾ تمثيل، شبّه معاملته تعالى مع هؤلاء بالمعاملة مع من لا يعتد به، ويلتفت لغيه، فينسى، لأن النسيان لا يجوز على الله تعالى، أي : لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء، كما قال :﴿ فِيْ كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ﴾، والنسيان يستعمل بمعنى الترك كثير في لسان العرب.
ويصح هنا أيضاً، فيكون استعارة تحقيقية، أو مجازاً مرسلاً، وكذا نسيانهم لقاء الله أيضاً، لأنهم لم يكونوا ذاكري الله حتى ينسوه، فشبه عدم إخطارهم لقاء الله والقيامة ببالهم، وقلة مبالاتهم بحال من عرف شيئاً، ثم نسيه، وليست الكاف للتشبيه، بل للتعليل، ولا مانع من التشبيه أيضاً. انتهى.
وقال تعالى :﴿ وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ أي : وكما كانوا منكرين أنها من عند الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon