وحذف مفعول ( وعَدَ ) الثّاني في قوله :﴿ ما وعد ربكم ﴾ لمجرّد الإيجاز لدلالة مقابله عليه في قوله :﴿ ما وعدنا ربنا ﴾ لأنّ المقصود من السّؤال سؤالهم عمّا يخصّهم.
فالتّقدير : فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم، أي من العذاب لأنّ الوعد يستعمل في الخير والشرّ.
ودلّت الفاء في قوله :﴿ فأذّن مؤذن ﴾ على أنّ التّأذين مسبّب على المحاورة تحقيقاً لمقصد أهل الجنّة من سؤال أهل النّار من إظهار غلطهم وفساد معتقدهم.
والتّأذينُ : رفع الصّوت بالكلام رفعاً يُسمع البعيد بقدر الإمكان وهو مشتقّ من الأذن بضمّ الهمزة جارحةِ السمع المعروفة، وهذا التّأذين إخبار باللّعن وهو الإبعاد عن الخير، أي إعلام بأنّ أهل النّار مبعدون عن رحمة الله، زيادة في التّأييس لهم، أو دعاء عليهم بِزيادة البعد عن الرّحمة، بتضعيف العذاب أو تحقيق الخلود، ووقُوع هذا التأذين عقب المحاورة يعلَم منه أنّ المراد بالظّالمين، وما تبعه من الصّفات والأفعال، هم أصحاب النّار، والمقصود من تلك الصّفات تفظيع حالهم، والنّداء على خبْثثِ نفوسهم، وفساد معتقدهم.
وقرأ نافع، وأبو عمرو، وعاصم، وقُنبل عن ابن كثير :﴿ أنْ لعنة الله ﴾ بتخفيف نون ( أن ) على أنّها تفسيريّة لفعل ( أذّنَ ) ورفععِ ( لعنة ) على الابتداء والجملة تفسيرية، وقرأه الباقون بتشديد النّون وبنصب ( لعنة ) على ( أنّ ) الجملة مفعول ( أذّن ) لتضمنه معنى القَول، والتّقدير : قائلاً أنّ لعنة الله على الظّالمين.