وقيل : ملائكة العذاب عند المعاينة ما أنذروا به، وقرأ الجمهور ﴿ أو نرد ﴾ برفع الدّال فنعمل بنصب اللام عطف جملة فعلية على جملة اسمية وتقدّمهما استفهام فانتصب الجوابان أي هل شفعاء لنا فيشفعوا لنا في الخلاص من العذاب أو هل نرد إلى الدّنيا فنعمل عملاً صالحاً، وقرأ الحسن : فيما نقل الزمخشري بنصب الدال ورفع اللام، وقرأ الحسن فيما نقل ابن عطية وغيره برفعهما عطف ﴿ فنعمل ﴾ على ﴿ نرد ﴾، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو حيوة بنصبهما فنصب ﴿ أو نرد ﴾ عطفاً على ﴿ فيشفعوا لنا ﴾ جواباً على جواب فيكون الشفعاء في أحد أمرين إما في الخلاص من العذاب وإما من الرّد إلى الدنيا لاستئناف العمل الصالح وتكون الشفاعة قد انسحبت على الردّ أو الخلاص و﴿ فنعمل ﴾ عطف على فنرد ويحتمل أن يكون ﴿ أو نرد ﴾ من باب لألزمنك أو تقضيني حقي على تقدير من قدّر ذلك حتى تقضيني حقي أو كي تقضيني حقي فجعل اللزوم مغياً بقضاء حقه أو معلولاً له لقضاء حقه وتكون الشفاعة إذ ذاك في الرد فقط وأما على تقدير سيبويه ألا إني لألزمنك إلا أن تقضيني فليس يظهر أنّ معنى ﴿ أو ﴾ معنى إلا هنا إذ يصير المعنى هل تشفع لنا شفعاء إلا أن نرد وهذا استثناء غير ظاهر وقولهم هذا هل هو مع الرّجاء أو مع اليأس فيه الخلاف الذي في ندائهم ﴿ أن أفيضوا ﴾، قال القاضي وهي تدل على حكمين على أنهم كانوا قادرين على الإيمان والتوبة ولذلك سألوا الردّ الثاني إن أهل الآخرة غير مكلفين خلافاً للمجبرة والنجار لأنها لو كانت كذلك ما سألوا الردّ بل كانوا يتوبون ويؤمنون.
﴿ قَد خسروا أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون ﴾ أي خسروا في تجارة أنفسهم حيث ابتاعوا الخسيس الفاني من الدّنيا بالنفيس الباقي من الآخرة وبطل عنهم افتراؤهم على الله ما لم يقله ولا أمرهم به وكذّبهم في اتخاذ آلهة من دون الله. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾