ولما كان هذا السلام ربما أشعر أنه بعد دخول أهل الأعراف الجنة، فكأنه قيل أكان نداؤهم بعد مفارقتهم الأعراف ودخولها؟ فقيل لا، ﴿لم يدخلوها﴾ أي الجنة بعد ﴿وهم﴾ أي والحال أنهم ﴿يطمعون﴾ في دخولها، وعبر بالطمع لأنه لا سبب للعباد إلى الله من أنفسهم وإن كانت لهم أعمال فضلاً عن هؤلاء الذين لا أعمال لهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٦﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن قوله :﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ﴾ يعني : بين الجنة والنار، أو بين الفريقين، وهذا الحجاب هو المشهور المذكور في قوله :﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ﴾ [ الحديد : ١٣ ].
فإن قيل : وأي حاجة إلى ضرب هذا السور بين الجنة والنار ؟ وقد ثبت أن الجنة فوق السموات وأن الجحيم في أسفل السافلين.
قلنا : بعد إحداهما عن الأخرى لا يمنع أن يحصل بينهما سور وحِجاب، وأما الأعراف فهو جمع عرف وهو كل مكان عال مرتفع، ومنه عرف الفرس وعرف الديك، وكل مرتفع من الأرض عرف، وذلك لأنه بسبب ارتفاعه يصير أعرف مما انخفض منه.
إذا عرفت هذا فنقول : في تفسير لفظ الأعراف قولان :
القول الأول : وهو الذي عليه الأكثرون أن المراد من الأعراف أعالي ذلك السور المضروب بين الجنة والنار، وهذا قول ابن عباس.
وروي عنه أيضاً أنه قال : الأعراف شرف الصراط.
والقول الثاني : وهو قول الحسن وقول الزجاج : في أحد قوليه أن قوله :﴿وَعَلَى الأعراف﴾ أي وعلى معرفة أهل الجنة والنار رجال يعرفون كل أحد من أهل الجنة والنار بسيماهم.