وقال السمرقندى :
قوله :﴿ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ﴾
أي بين أهل الجنة وأهل النار سور ﴿ وَعَلَى الاعراف رِجَالٌ ﴾.
وروى مجاهد عن ابن عباس قال : الأعراف سور كعرف الديك.
وقال القتبي : الأعراف سور بين الجنة والنار، وسمي بذلك لارتفاعه، وكل مرتفع عند العرب أعراف.
وقال السدي : إنما سمّي الأعراف لأن أصحابه يعرفون الناس.
روي عن رسول الله ﷺ أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال :" هُمْ قَوْمٌ قُتِلُوا في سَبِيلِ الله فِي مَعْصِيةِ آبائِهِمْ فَمَنَعَهُمْ مِنَ النَّارِ قَتْلُهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَمَنَعَهُمْ مِنَ الجَنَّةِ مَعْصِيَتُهُمْ آبَاءَهُمْ " وعن حذيفة بن اليمان أنه قال : قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فلم يكن لهم حسنات فاضلة يدخلون بها الجنة ولا سيئات فاضلة يدخلون بها النار.
وهذا القول أيضاً روي عن ابن عباس مثل هذا.
وروي عن ابن عباس أيضاً أنه قال : هم أولاد الزنى.
وروي عن أبي مجلز أنه قال : هم الملائكة.
فبلغ ذلك مجاهداً فقال : كذب أبو مجلز يقول الله تعالى :﴿ وَعَلَى الاعراف رِجَالٌ ﴾ فقال أبو مجلز : لأن الملائكة ليسوا بإناث ولكنهم عباد الرحمن.
قال الله :﴿ وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شهادتهم وَيُسْألُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٩ ].
﴿ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بسيماهم ﴾ يعني : أن أصحاب الأعراف يعرفون أهل الجنة إذا مروا بهم ببياض وجوههم، ويعرفون أهل النار بسواد وجوههم والسيما هي العلامة ﴿ وَنَادَوْاْ أصحاب الجنة أَن سلام عَلَيْكُمْ ﴾ يعني : فإذا مرّ بهم زمرة من أهل الجنة قالوا :﴿ أَن سلام عَلَيْكُمْ ﴾ يعني : إنّ أهل الأعراف يسلّمون على أهل الجنة ﴿ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴾ يعني : إنّ أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون أنْ يَدخلوها.
وقال الحسن : والله ما جعل الله ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدهم بها.