وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿... وَعَلَى الأَعَرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمُ ﴾ أما الأعراف فسور بين الجنة والنار، قاله مجاهد، والسدي، وهو جَمْعٌ وَاحِدُهُ عُرْف وهو ما ارتفع عن غيره، ومنه عرف الديك وعرف الفرس، قال الراجز :
كل كتاب لجمعه موافي... كالعلم الموفي على الأعراف.
وفي الذين على الأعراف خمسة أقاويل :
أحدها : أنهم فضلاء المؤمنين وعلماؤهم، قاله الحسن، ومجاهد، قال أمية بن أبي الصلت :
وآخرون على الأعراف قد طمعوا... بجنة حفها الرمان والخضر.
وهذا وإن كان شعراً جاهلياً وحال الأعراف منقول عن خبر يروى فيحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون أمية قد وصل إلى علمه من الصحف الشرعية.
والثاني : أن يكون الله قد انطق به أمية إلهاماً لتصديق ما جاء به القرآن.
والثاني : أنهم ملائكة يُرَون في صور الرجال، قاله أبو مجلز.
والثالث : أنهم قوم بطأت بهم صغائرهم إلى آخر الناس، قاله حذيفة.
والرابع : أنه قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضى الله من أمرهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة، قاله ابن مسعود.
والخامس : أنهم قوم قتلوا في سبيل الله وكانوا عصاة لآبائهم، قيل إنهم غزوا بغير إذنهم، وقد روى محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال :
سُئل رسول الله ﷺ عن أصحاب الأعراف فقال :" هُمْ قَومٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَعْصِيةِ آبَائِهِمْ، فَمَنَعَهُمْ قَتْلُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَنِ النَّارِ ومنعهم مَعْصِيَةُ آبَائِهِم أَنْ يَدْخُلُواْ الجَنَّةَ
" ومعنى قوله :﴿ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ﴾ يعني يعرفون أهل النار وأهل الجنة بعلامتهم التي يتميزون بها، وعلامتهم في وجوههم وأعينهم، قال الحسن البصري : علامة أهل النار سواد الوجوه وزرقة العيون، وعلامة أهل الجنة بياض الوجوه وحسن العيون.