ولا مانع من أن يعطيها الله تعالى إدراكاً وفهماً لذلك بل ادعى بعضهم أنها مدركة مطلقاً، وفي بعض الأخبار ما يدل على أن لبعضها إدراكاً لغير ما ذكر، وإفراد الشمس والقمر بالذكر مع دخولهما في النجوم لإظهار شرفهما عليها لما فيهما من مزيد الإشراق والنور وبسيرهما في المنازل تعرف الأوقات.
وقدم الشمس على القمر رعاية للمطابقة مع ما تقدم وهي من البديع ولأنها أسنى من القمر وأسمى مكانة ومكاناً بناء على ما قيل من أنها في السماء الرابعة وأنه في السماء الأولى، وليس بمسلم عند المحدثين كالقول بأن نوره مستفاد من نورها لاختلاف تشكلاته على انحاء متفاوتة بحسب وضعه من الشمس في القرب والبعد عنها مع ما يلحقه من الخسوف لا لاختلاف التشكلات وحده فإنه لا يوجب الحكم بأن نور القمر مستفاد من الشمس قطعاً لجواز أن يكون نصفه مضيئاً من ذاته ونصفه مظلماً ويدور على نفسه بحركة مساوية لحركة فلكه فإذا تحرك بعد المحاق يسيرا رأيناه هلالا ويزداد فنراه بدراً ثم يميل نصفه المظلم شيئاً فشيئاً إلى أن يؤول إلى المحاق.
وفي كونها مسخرات دلالة على أنها لا تأثير لها بنفسها في شيء أصلاً.
وقرأ جميعها ابن عامر بالرفع على الابتداء والخبر.
والنصب بالعطف على ﴿ السموات ﴾ والحالية كما أشرنا إليه، وجوز تقدير جعل وجعل الشمس مفعولاً أولاً و﴿ مسخرات ﴾ مفعولاً ثانياً.
﴿ أَلاَ لَهُ الخلق والأمر ﴾ كالتذييل للكلام السابق أي أنه تعالى هو الذي خلق الأشياء ويدخل في ذلك السموات والأرض دخولاً أولياً وهو الذي دبرها وصرفها على حسب إرادته ويدخل في ذلك ما أشير إليه بقوله سبحانه :﴿ مسخرات بِأَمْرِهِ ﴾ [ الأعراف : ٥٤ ] لا أحد غيره كما يؤذن به تقديم الظرف.


الصفحة التالية
Icon