وقال أحمد بن حنبل رحمه الله قبل موته بقريب : أخبار الصفات تُمر كما جاءت، بلا تشبيه ولا تعطيل، وقال أيضاً في رواية بعضهم : لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذه الأماكن، وفي كتاب الله عز وجل، أو حديث عن النبي ﷺ، أو عن أصحابه رضي الله عنهم، أو عن التابعين، فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود، فلا يقال في صفات الرب عز وجل كيف ؟ و لِمَ ؟ لا يقول ذلك إلا شكاك.
وقال أحمد رضي الله عنه في رواية عنه، في موضع آخر : نحن نؤمن بأن الله عز وجل على العرش كيف شاء، وكما شاء، بلا حد ولا صفة يبلغها واصف ويحدها حاد، لما روي عن سعيد بن المسيب، عن كعب الأحبار، قال، قال الله تعالى في " التوراة " : أنا الله فوق عبادي، وعرشي فوق جميع خلقي، وأنا على عرشي، عليه أدبر عبادي، ولا يخفى عليّ شيء من عبادي.
وكونه عز وجل على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل، بلا كيف، ولأن الله تعالى - فيما لم يزل - موصوف بالعلو والقدرة والإستيلاء والغلبة على جميع خلقه، من العرش وغيره.
فلا يحمل الإستواء على ذلك، فالإستواء من صفات الذات، بعد ما أخبرنا به، ونص عليه وأكده في سبع آيات من كتابه، والسنة المأثورة به، وهو صفة لازمة له، ولائقة به، كاليد والوجه والعين والسمع والبصر، والحياة والقدرة، وكونه خالقاً ورازقاً ومحيياً ومميتاً، موصوف بها، ولا نخرج من الكتاب والسنة، نقرأ الآية والخبر، ونؤمن بما فيهما، ونَكِل الكيفية في الصفات إلى علم الله عز وجل، كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله، كما وصف الله تعالى نفسه في كتابه، فتفسيره قراءته.
لا تفسير له غيرها، ولم نتكلف غير ذلك، فإنه غيب لا مجال للعقل في إدراكه، ونسأل الله تعالى العفو والعافية، ونعوذ به من أن نقول فيه وفي صفاته ما لم يخبرنا به هو أو رسوله عليه السلام. انتهى كلام الكيلاني قدس سره.