ثم ساق من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة عن عاصم بن بَهْدَلة عن زر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ما بين السماء و الأرض مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماء إلى الأخرى خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي إلى الماء مسيرة خمسمائة عام، والعرش على الماء، والله على العرش، ويعلم أعمالكم. وذكر هذا الكلام أو قريباً منه في كتاب " الإستذكار ".
وقال شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى في " الرسالة المدنية " : إذا وصف الله بصفة أو وصفه بها رسوله ﷺ، أو وصفه بها المؤمنون
الذين اتفق المسلمون على هدايتهم ودرايتهم، فصرفها عن ظاهرها اللائق بجلاله سبحانه، وحقيقتها المفهومة منها إلى باطن يخالف الظاهر، ومجاز يخالف الحقيقة، لا بد فيه من أربعة أشياء :
أحدها : أن ذلك اللفظ مستعمل بالمعنى المجازي، لأن الكتاب والسنة وكلام السلف جاءوا باللسان العربي، لا يجوز أن يراد منه خلاف لسان العرب، أو خلاف الألسنة كلها، فلا بد أن يكون ذلك المعنى المجازي مما يراد به اللفظ، وإلا فيمكن كل مُبطل أن يفسر أي : لفظ بأي معنى ناسخ له، وإن لم يكن له أصل في اللغة.
الثاني : أن يكون معه دليل يوجب صرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه، وإلا فإذا كان يستعمل في معنى بطريق الحقيقة، وفي معنى بطريق المجاز، لم يجز حمله على المجازي بغير دليل يوجب الصرف بإجماع العقلاء، ثم ادعى وجوب صرفه عن الحقيقة، فلا بد من دليل مرجح للحمل على المجاز.
الثالث : أنه لا بد من أن يسلم ذلك الدليل الصارف عن معارض، وإلا فإذا قام دليل قرآني أو إيماني يبين أن الحقيقة مرادة، امتنع تركها.
ثم إن كان هذا الدليل لم يلتفت إلى نقيضه وإن كان ظاهراً فلا بد من الترجيح.


الصفحة التالية
Icon