وفعل ﴿ تبارك ﴾ في صورة اشتقاقه يؤذن بإظهار الوصف على صاحبه المتّصف به مثل : تثاقل، أظهر الثّقل في العمل، وتعالل، أي أظهر العلّة، وتعاظم : أظهر العظمة، وقد يستعمل بمعنى ظهور الفعل على المتّصف به ظهوراً بيِّناً حتى كأنّ صاحبه يُظهره، ومنه :﴿ تعالى الله ﴾ [ النمل : ٦٣ ] أي ظَهر علوّه، أي شرفه على الموجودات كلّها، ومنه ﴿ تبارك ﴾ أي ظَهرت بركته.
والبركة : شدّة الخير، وقد تقدّم الكلام عليها عند قوله تعالى :﴿ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً ﴾ في سورة آل عمران ( ٩٦ )، وقوله :﴿ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ﴾ في سورة الأنعام ( ٩٢ ).
فبركة الله الموصوفُ بها هي مجده ونزاهته وقدسه، وذلك جامع صفات الكمال، ومن ذلك أنّ له الخلق والأمر.
وإتْباع اسم الجلالة بالوصف وهو رب العالمين في معنى البيان لاستحقاقه البركة والمجد، لأنّه مفيض خيرات الإيجاد والإمداد، ومدبّر أحوال الموجودات، بوصف كونه ربّ أنواع المخلوقات، ومضى الكلام على ﴿ العالمين ﴾ في سورة الفاتحة ( ٢ ). أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾