وسنبين لك أن جميع الصفات على تقسيمهم لها جاء في القرآن وصف الخالق والمخلوق بها، وهم في بعض ذلك يقرون بأن الخالق موصوف بها، وأنها جاء في القرآن أيضاً وصف المخلوق بها، ولكن وصف الخالق مناف لوصف المخلوق، كمنافاة ذات الخالق لذات المخلوق، ويلزمهم ضرورة فيما أنكروا مثل ما أقروا به لأن الكل من باب واحد، لأن جميع صفات الله جل وعلا من باب واحد، لأن المتصف بها لا يشبهه شيء من الحوادث.
فمن ذلك : الصفات السبع. المعروفة عندهم بصفات المعاني وهي : القدرة، والإرادة، والعلم، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام.
فقد قال تعالى في وصف نفسه بالقدرة :﴿ والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [ البقرة : ٢٨٤ ].
وقال في وصف الحادث بها :﴿ إِلاَّ الذين تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ ﴾ [ المائدة : ٣٤ ] فأثبت لنفسه قدرة حقيقية لائقة بجلاله وكماله، وأثبت لبعض الحوادث قدرة مناسبة لحالهم من الضعف والافتقار والحدوث والفناء، وبين قدرته، وقدرة مخلوقه من المنافاة ما بين ذاته وذات مخلوقه.
وقال في وصف نفسه بالإرادة :﴿ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾ [ هود : ١٠٧ ]، ﴿ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [ يس : ٨٢ ]، ﴿ يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ]، ونحو ذلك من الآيات.
وقال في وصف المخلوق بها :﴿ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا ﴾ [ الأنفال : ٦٧ ] الآية ﴿ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً ﴾ [ الأحزاب : ١٣ ]، ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله ﴾ [ الصف : ٨ ]، ونحو ذلك من الآيات.
فله جل وعلا إرادة حقيقية لائقة بكماله وجلاله، وللمخلوق إرادة أيضاً مناسبة لحاله، وبين إرادة الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق.


الصفحة التالية
Icon