وَالسَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ يُطْلَقَانِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ عَلَى كُلِّ مَوْجُودٍ مَخْلُوقٍ، أَوْ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ بَعْضُ النَّاسِ بِالْعَالَمِ الْعِلْوِيِّ وَالْعَالَمِ السُّفْلِيِّ - وَإِنْ كَانَ الْعُلُوُّ وَالسُّفْلُ فِيهِمَا مِنَ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ - وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَمُ عَلَى أَنَّ خَالِقَ جُمْلَةِ الْعَالَمِ وَاحِدٌ هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَرْبَابًا كَانُوا يُقَيِّدُونَ رُبُوبِيَّتَهُمْ بِأُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ وُكِّلَ إِلَيْهِمْ تَدْبِيرُهَا، وَيُسَمُّونَهُمْ بِأَسْمَاءٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ (٤٧٣، ٤٧٤ ج ٧ ط الْهَيْئَةِ) وَيَخُصُّونَ خَالِقَ كُلِّ شَيْءٍ بَاسِمٍ كَاسْمِ الْجَلَالَةِ (اللهِ) فِي الْعَرَبِيَّةِ إِلَّا الثَّنَوِيَّةَ الَّذِينَ قَالُوا بِرَبَّيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ أَحَدُهُمَا : خَالِقُ النُّورِ وَفَاعِلُ الْخَيْرِ، وَالثَّانِي : خَالِقُ الظُّلْمَةِ وَمَصْدَرُ الشَّرِّ.
فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلنَّاسِ كَافَّةً : إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ الْمُدَبِّرُ لِأُمُورِهِمَا وَحْدَهُ، فَيَجِبُ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، فَلَا يَكُونُ لَكُمْ إِلَهٌ غَيْرُهُ، وَقَدْ تُطْلَقُ السَّمَاوَاتُ عَلَى مَا دُونَ الْعَرْشِ مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَلَا سِيَّمَا إِذَا وُصِفَتْ بِالسَّبْعِ.