(٣) أَنَّ خَلْقَ الْأَرْضِ كَانَ فِي يَوْمَيْنِ، وَتَكُونُ الْيَابِسَةُ وَالْجِبَالُ الرَّوَاسِي فِيهِمَا وَمَصَادِرُ الْقُوتِ وَهِيَ أَنْوَاعُ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ تَتِمَّةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
(٤) أَنَّ جَمِيعَ الْأَحْيَاءِ النَّبَاتِيَّةِ وَالْحَيَوَانِيَّةِ خُلِقَتْ مِنَ الْمَاءِ.
فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ خَلْقِ الْأَرْضِ هُوَ الزَّمَنُ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ كَالدُّخَانِ حِينَ فُتِقَتْ مِنْ رَتْقِ الْمَادَّةِ الْعَامَّةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ مُبَاشَرَةً أَوْ غَيْرَ مُبَاشَرَةٍ وَأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِي هُوَ الزَّمَنُ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ مَائِيَّةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ بُخَارِيَّةً أَوْ دُخَانِيَّةً، وَإِنَّ الْيَوْمَ الثَّالِثَ هُوَ الزَّمَنُ الَّذِي تَكَوَّنَتْ فِيهِ الْيَابِسَةُ وَنَتَأَتْ مِنْهَا الرَّوَاسِي فَتَمَاسَكَتْ بِهَا، وَأَنَّ الْيَوْمَ الرَّابِعَ هُوَ الزَّمَنُ الَّذِي ظَهَرَتْ فِيهِ أَجْنَاسُ الْأَحْيَاءِ مِنَ الْمَاءِ وَهِيَ النَّبَاتُ وَالْحَيَوَانُ. فَهَذِهِ أَزْمِنَةٌ لِأَطْوَارٍ مِنَ الْخَلْقِ قَدْ تَكُونُ مُتَدَاخِلَةً. وَأَمَّا السَّمَاءُ الْعَامَّةُ وَهِيَ الْعَالَمُ الْعُلْوِيُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَهْلِ
الْأَرْضِ فَقَدَ سَوَّى أَجْرَامَهَا مِنْ مَادَّتِهَا الدُّخَانِيَّةِ فِي يَوْمَيْنِ أَيْ زَمَنَيْنِ كَالزَّمَنَيْنِ اللَّذَيْنِ خُلِقَ فِيهِمَا جِرْمُ الْأَرْضِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي هَذِهِ السَّمَاوَاتِ فِي مَوْضِعِهِ.