الصَّلَاةَ الطَّوِيلَةَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ الزُّوَّارُ وَمَا يَشْعُرُونَ بِهِ، وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدِرُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ فِي السِّرِّ
فَيَكُونَ عَلَانِيَةً أَبَدًا، وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَمَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ :(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا رَضِيَ فِعْلَهُ فَقَالَ :(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا) (١٩ : ٣) اهـ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالنِّدَاءِ وَالصِّيَاحِ فِي الدُّعَاءِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ.
(إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) فِي الدُّعَاءِ، كَمَا لَا يُحِبُّ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ. وَالِاعْتِدَاءُ تَجَاوُزُ الْحُدُودِ فِيهَا، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، إِلَّا مَا كَانَ انْتِصَافًا مِنْ مُعْتَدٍّ ظَالِمٍ بِمِثْلِ ظُلْمِهِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ أَفْضَلُ، وَالِاعْتِدَاءُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ بِحَسْبِهِ وَذَلِكَ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَدًّا مَنْ تَجَاوَزَهُ كَانَ مُعْتَدِيًا (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢ : ٢٢٩).


الصفحة التالية
Icon