" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ وادعوه خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾.
هذانِ حالانِ، أي : ادْعُوهُ ذُوُو خَوْفٍ وطَمَعٍ، أو خَائِفِينَ طامعين، أو مَفْعُولان من أجلهما، أي : لأجْلِ الخوفِ والطَّمَعِ.
فإن قيل : قد قال في الآية الأولى :" ادْعُوا رَبَّكُمْ "، ثم قال هاهنا :" وَادْعُوهُ "، وهذا يقتضي عَطْفَ الشَّيْءِ على نفسه، وهو باطل.
والجوابُ : أنَّ الَّذينَ فسروا قوله :" ادْعُوا رَبَّكُمْ " بأنَّ المرادَ به العِبادَة، قالوا : المُرَادُ بهذا الدُّعَاء الثَّانِي هو الدُّعَاءُ نفسه.
وأمّا الذين قالوا : المرادُ بقوله :" ادْعُوا رَبَّكُمْ " هو الدُّعَاءُ قالوا : المراد بهذا الدُّعَاءِ أن يكون الدُّعَاءُ المأمور به أوَّلاً مقروناً بالتَّضَرُّع، والأخْفَاءِ، ثم بيَّن هاهنا أنَّ فائدةَ الدُّعَاءِ أحد هذين الأمرين.
فالأولى في بيان شَرْطِ صحَّةِ الدُّعاء.
والثانية في بيان فَائِدِةِ الدُّعَاءِ ومنفعته.
قوله :﴿ إِنَّ رَحْمَةَ الله قَرِيبٌ ﴾ إنَّمَا لم يُؤنِّثْهَا وإن كانت خبراً لمؤنث لوجوه :
منها أنَّهَا في معنى الغُفْرَانِ والعفو والإنعامِ، فحُمِلت عليه، قاله النَّضْرُ بْنُ شُمَيْل واختاره الزَّجَّاجُ.
قال سعيدُ بْنُ جُبَيْر : الرَّحْمَةُ هاهنا الثَّوَابُ فرجع النعت إلى المعنى دون اللفظ كقوله :﴿ وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم مِّنْهُ ﴾ [ النساء : ٨ ] ولم يقل :" مِنْهَا " ؛ لأنَّهُ أراد الميراث والمال.