والجواب : ليس المراد من الآية ما ظننتم، بل المراد : وادعوه مع الخوف من وقوع التقصير، في بعض الشرائط المعتبرة في قبول ذلك الدعاء، ومع الطمع في حصول تلك الشرائط بأسرها، وعلى هذا التقدير فالسؤال زائل ؟
السؤال الثالث : هل تدل هذه الآية على أن الداعي لا بد وأن يحصل في قلبه هذا الخوف والطمع ؟
والجواب : أن العبد لا يمكنه أن يقطع بكونه آتياً بجميع الشرائط المعتبرة في قبول الدعاء، ولأجل هذا المعنى يحصل الخوف، وأيضاً لا يقطع بأن تلك الشرائط مفقودة، فوجب كونه طامعاً في قبولها فلا جرم.
قلنا : بأن الداعي لا يكون داعياً إلا إذا كان كذلك فقوله :﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ أي أن تكونوا جامعين في نفوسكم بين الخوف والرجاء في كل أعمالكم، ولا تقطعوا أنكم وإن اجتهدتم فقد أديتم حق ربكم.
ويتأكد هذا بقوله :﴿يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ].
ثم قال تعالى :﴿إن رحمة الله قَريِب من المحسنين﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
اختلفوا في أن الرحمة عبارة عن إيصال الخير والنعمة أو عن إرادة إيصال الخير والنعمة، فعلى التقدير الأول تكون الرحمة من صفات الأفعال، وعلى هذا التقدير الثاني تكون من صفات الذات، وقد استقصينا هذه المسألة في تفسير ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم﴾ [ الفاتحة : ١ ].
المسألة الثانية :
قال بعض أصحابنا : ليس لله في حق الكافر رحمة ولا نعمة.
واحتجوا بهذه الآية، وبيانه : أن هذه الآية تدل على أن كل ما كان رحمة فهي قريبة من المحسنين، فيلزم أن يكون كل ما لا يكون قريباً من المحسنين، أن لا يكون رحمة، والذي حصل في حق الكافر غير قريب من المحسنين، فوجب أن لا يكون رحمة من الله ولا نعمة منه.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon