وقال الثعلبى :
﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض ﴾
بالشرك والمعصية والدعاء إلى غير عبادة الله ﴿ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ﴾ بعد [ اصلاح ] الله إيّاها يبعث الرسل، والأمر بالحلال والنهي عن المنكر والحرام وكل أرض قبل أن يبعث لها نبي فاسدة حتّى يبعث الرسل إليها فيصلح الأرض بالطاعة.
وقال عطيّة : معناه لا تعصوا في الأرض فيمسك الله المطر ويهلك الحرث بمعاصيكم ﴿ وادعوه خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾ قال الكلبي : خوفاً منه ومن عذابه وطمعاً فيما عنده من مغفرته وثوابه، الربيع بن أنس :﴿ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾ كقوله ﴿ رَغَباً وَرَهَباً ﴾ [ الأنبياء : ٩٠ ]. وقيل : خوف العاقبة وطمع الرحمة، ابن جريج : خوف العدل وطمع الفضل. عطاء : خوفاً من النيران وطمعاً في الجنان. ذو النون المصري : خوفاً من الفراق وطمعاً في التلاق ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين ﴾ وكان حقه قربته. واختلف النحاة فيه وأكثروا وأنا ذاكر نصوص ما قالوا.
قال سعيد بن جبير : الرحمة هاهنا الثواب. وقال الأخفش : هي المطر فيكون القريب نعتاً للمعنى دون اللفظ كقوله تعالى ﴿ وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم مِّنْهُ ﴾ [ النساء : ٨ ] ولم يقل : منها، لأنه أراد بالقسمة الميراث والمال. وقال ﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ استخرجها مِن وِعَآءِ أَخِيهِ ﴾ [ يوسف : ٧٦ ] والصواع مذكّر لأنّه أراد به القسمة، والميراث ( كالمنشريّة ) والسقاية.
وقال الخليل بن أحمد : القريب والبعيد يستوي فيهما المذكر والمؤنث والجمع [ يذكر ويؤنث ] يقول الشاعر :
كفى حُزناً أنّي مقيم ببلدةً | أخلاّئي عنها نازحون بعيد |
وقال آخر :كانوا بعيداً فكنت آملهم | حتّى إذا ما تقربواهجروا |
وقال آخر :فالدار منّي غير نازحة | لكن نفسي ما كادت مواتاتي |