وقال الآلوسى :
﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الأرض ﴾
نهى عن سائر أنواع الافساد كإفساد النفوس والأموال والأنساب والعقول والأديان ﴿ بَعْدَ إصلاحها ﴾ أي إصلاح الله تعالى لها وخلقها على الوجه الملائم لمنافع الخلق ومصالح المكلفين وبعث فيها الأنبياء بما شرعه من الأحكام ﴿ وادعوه خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ أي ذوي خوف من الرد لقصوركم عن أهلية الإجابة وطمع في إجابته تفضلاً منه، وقيل خوفاً من عقابه وطمعاً في جزيل ثوابه.
وقال ابن جريج : المعنى خوف العدل وطمع الفضل.
وعن عطاء خوفاً من الميزان وطمعاً في الجنان.
وأصل الخوف انزعاج القلب لعدم أمن الضرر، وقيل : توقع مكروه يحصل فيما بعد، والطمع توقع محبوب يحصل له، ونصبهما على الحالية كما أشير إليه.
وجوز أن يكون على المفعولية لأجله.
قيل : ولما كان الدعاء من الله تعالى بمكان كرره وقيده أولاً بالأوصاف الظاهرة وآخراً بالأوصاف الباطنة، وقيل : الأمر السابق من قبيل بيان شرط الدعاء والثاني من قبيل بيان فائدته، وقيل : لا تكرار، فما تقدم أمر بالدعاء بمعنى السؤال وهذا أمر بالدعاء بمعنى العبادة، والمعنى اعبدوه جامعين في أنفسكم الخوف والرجاء في عبادتكم القلبية والقالبية وهو كما ترى، ومن الناس من أبقى الدعاء على المعنى الظاهر وعمم في متعلق الخوف والطمع، والمعنى عنده ادعوه وأنتم جامعون في أنفسكم الخوف والرجاء في أعمالكم كلها، وليس بشيء والمختار عند جلة المفسرين ما تقدم.
﴿ إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مّنَ المحسنين ﴾ أعمالهم، ومن الإحسان في الدعاء أن يكون مقروناً بالخوف والطمع.
وقد كثر الكلام في توجيه تذكير ﴿ قَرِيبٌ ﴾ مع أنه صفة مخبر بها عن المؤنث، وقد نقل ابن هشام في ذلك وجوهاً ذاكراً ما لها وما عليها.