الثاني : أن أصله قطيعة ثم حذف التاء للإضافة كقوله تعالى :﴿ لَّيْسَ البر ﴾ [ الأنبياء : ٧٣ ] والإضافة مجوزة لحذف التاء كما توجب حذف النون والتنوين.
وقد نص على ذلك غير واحد من القراء الثالث : أنه إنما جاز ذلك لمناسبة فتور لأنه فعول وهو يستوي فيه المذكر والمؤنث.
الحادي عشر : أنهم يقولون في قرب النسب : قريب وإن أجري على مؤنث نحو فلانة قريب مني ويفرقون بينه وبين قرب المسافة.
وتعقب بأنه مبني على أن يقال في القرب النسبي : فلان قرابتي.
وقد نص جمع على أن ذلك خطأ وأن الصواب أن يقال فلان ذو قرابتي كما قال :
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه...
وذو قرابته في الحي مسرور
الثاني عشر : من تأويل المؤنث بمذكر موافق له في المعنى.
واختلف القائلون بذلك فمنهم من يقدر إن إحسان الله قريب ومنهم من يقدر لطف الله قريب.
ومن ذلك قوله :
أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما...
يضم إلى كشحيه كفاً مخضبا
فأول الكف على معنى العضو.
وتعقب بأنه باطل لأن ذلك إنما يقع في الشعر وقد تقدم أنه لا يقال : موعظة حسن مع أن الموعظة بمنزلة الوعظ في المعنى ويقاربه في اللفظ أيضاً.
وأما البيت فنص النحاة على أنه ضرورة وما هذه سبيله لا يخرج عليه كلام الله سبحانه وتعالى، على أن بعضهم قال : إن الكف قد يذكر.
الثالث عشر : أن المراد بالرحمة هنا المطر ونقل ذلك عن الأخفش والمطر مذكر، وأيد بأن الرحمة فيما بعد بمعنى المطر.
واعترض عليه من أوجه.
أحدها : أنه لو كانت الرحمة الثانية هي الرحمة الأولى لم تذكر ظاهرة على ما هو الظاهر إذ الموضع للضمير.
ثانيها : أنه إذا أمكن الحمل على العام لا يعدل إلى الخاص ولا ضرورة هنا إلى الحمل كما لا يخفى، ثالثها : أن الرحمة التي هي المطر لا تختص بالمحسنين لأن الله سبحانه يرزق الطائع والعاصي، وإنما المختص في عرف الشرع هو الرحمة التي هي الغفران والتجاوز والثواب.


الصفحة التالية
Icon